شيشاوة .. تقييد معصرة السكر ضمن الأثار خطوة مهمة لحماية تراث المنطقة
الأستاذ محمد حبيب الله
يعد المغرب من البلدان الغنية بالتراث المتنوع، وهو من أهم المشاركين، والمساهمين، في حمايته إقليميا ودوليا، مستندا الى المشاريع والقوانين الدولية وتوصياتها، وقد نص دستور 2011 في الفصل 71 على حماية التراث وتثمينه، وسن لذلك عدة قوانين تنطيمية ( ظهائر، مراسيم، مذكرات، منشورات …)
في ظل السياسية الجهوية للتنمية، المدرجة في برامج الدولة، وفي ظل الخطابات السامية التي تحث على تثمين التراث وجعله مواكبا للعملية التنموية الملحية والوطنية.
وحسب قرار رقم 891.22، تم تقييد معصرة السكر بحي زاوية بلمقدم بلدية شيشاوة (الملك المسمى جموع معيدر وفرجان الدولة الشمال) ذي الرسم العقاري عدد 66/1912 ضمن الأثار المتواجدة بجماعات: المزوضية، أهديل وسيدي بوزيد الركراكي بدائرة شيشاوة ، في عداد الآثار الوطنية، ويمنع إحداث أي تغيير في المعصرة المذكورة، حسب المادة الثانية من القرار، الصادر بالجريذة الرسمية عدد 7003 الصادرة في 18 أبريل الجاري.
ومن هذا المنطلق ارتأينا كأبناء مدينة شيشاوة إبراز التراث التاريخي لهذه المدينة والتعريف به والدعوة إلى إنقاذه من الضياع والاندثار، ويمتد هذا الإرث إلى عدة مواقع بالمنطقة يعود تاريخها الى عهد المنصور السعدي، ويشتمل على معاصر السكر ومرافق إنتاج هذه المادة الرائجة في الفترة السعدية ، كما تتوفر المدينة على سور العبيد الذي يعد معلمة تاريخية تزخر بها المدينة، وتشهد هذه المآثر التاريخية على الدور الاقتصادي لمدينة شيشاوة في هذه المرحلة.
وبعد تقييد هذا التراث وتقنينه، واتخاذ التدابير التشريعية والتنظيمية على المستوى الوطني والمحلي، التي تضمن بقاء الممتلك وحمايته من التطورات والتغيرات التي قد تؤثر سلبا على قيمته التاريخية، يتطلب الانتقال به إلى مرحلة مهمة من مراحل حماية الآثار، وتتمثل هذه المرحلة في الترميم والصيانة، وإذا كان الأثر هو أي نوع من المنجزات والأعمال التي وصلت لنا من الماضي البعيد أو القريب، فإنه يتطلب ترجمة ما يتضمنه الأثر من معلومات، حسب ما تقتضيه ضوابط تقنيات العمارة والترميم والتجديد والإضافة وإعادة البناء، من خلال تقييم الحالة المعمارية والرمزية للمبنى: نقاط القوة، نقاط الضعف، العناصر التي تعطي قيمة تاريخية، المراحل التي مر منها البناء، الاضافات والعناصر المفقودة، وظيفة المبنى الأصلية والوظائف الأخرى التي مرت عليه.
وبعد مرحلة الترميم يجب إقتراح مشاريع تنموية بهذه المواقع من أجل بعث الحياة فيها من جديد، عبر استغلالها في الحاضر وإخراجها من النسيان، وذلك من خلال اختيار وظيفة وتوزيع جديد للمواقع الأثرية بحيث يوافق قيمة المبنى التاريخي والعصر الذي نعيش فيه، لأن نجاح المشروع بعد الانتهاء من إعادة التأهيل منوط الى حد كبير بالاختيار الموفق لإعادة استخدامه، يكون ذلك بدراسة الموقع والمحيط الاجتماعي أثناء إعداد مخطط الترميم وإعادة التأهيل، وتشكل معاصر السكر بالمدينة مجموعة أثرية متفرقة على المدينة مما يجعل أحياء المدينة تزخر بها وترى فيها تاريخها العريق.
لم لا تكون هذه الآثار الموجودة بشيشاوة محطة العناية والاهتمام !؟
إن الموارد الطبيعية التي تتمتع بها منطقة شيشاوة كجبال اميندونيت وايت حدو يوسف وأداسيل، تعتبر من العوامل المهمة لجلب السياحة الداخلية والخارجية، كما يلعب موقع شيشاوة دورا مهما من خلال ربطه مدن الجنوب بمدن الشمال، فقليل من اهتمام المسؤولين بالجانب الثقافي في إقليم شيشاوة، ستعطي انطلاقة تنموية مهمة للمنطقة، عبر إعطاء أولوية لأهمية التراث، كما تنص على ذلك المادة 4 من مشروع الميثاق الوطني للتراث الثقافي” يعني هذا المبدأ أن التراث الوطني الثقافي المعترف بقيمته وفائدته، يجب ان يحظى بالأسبقية على محيطه، وتبعا لذلك يعتبر عاملا حاسما عند تهيئة أو تغيير هذا المحيط ”
ومن خلال ربط المدينة بمحيطها الطبيعي على مستوى البنية التحتية يتسنى للمرتفعات أن يستثمر فيها، من خلال إنشاء وتثمين المدارت السياحية الإقليمية ومرافق الترفيه حسب الظروف المناخية لهذه المنطقة، كإنشاء فضاء للاستمتاع بالمناظر الخلابة وللتزحلق والتنزه وإنشاء متحف طبيعي إيكولوجي بالمنطقة، وتجهيزها بالخدمات العصرية، ودون شك ستعرف المدينة رواجا من خلال زوارها وسياحها على المستوى الداخلي و الخارجي.
في هذه الوضعية، تبرز أهمية المآثر العمرانية بالمدينة، من خلال دورها الثقافي التي تلعبه إذا ما كانت مهيئة لهذه المهمة التنموية على المستوى المحلي، لذلك يمكن استغلالها في مشاريع تنموية ثقافية تذر دخلا على ابناء المنطقة، وتدفع بعجلة التنمية الى الأمام وهذه المشاريع متعددة الأشكال، مثلا :
– إنشاء متحف بإحدى المعاصر وتجهيزه بالخدمات الحديثة وربطه بالصناعات التقليدية وتقديم منتوجها للسياح والزائرين عبر جوانبه وأروقته المخصصة لذلك.
– مساهمة مشروع المتحف في انجاز مشاريع البنية التحية بمحيطه والحفاظ على جماليته.
– مساهمة المتحف على جلب الزوار إلى المدينة
– تأهيل إحدى المعاصر ان تكون قاعة للندوات والاعمال الفنية، كالمسرح والشعر… على الصعيد المحلي.
– توفير مادة إشهارية للمشروع من أجل التعريف به و بخدماته عبر وسائل الاتصال العصرية .
– توفير مسالك طرقية ووسائل النقل لهذا المشروع، وتكون بدورها تحمل مادة إشهارية للتعريف بالمشروع .
– تنظيم معارض مؤقتة أو موسمية لجلب الزوار والسياح.