مجتمع

الأطفال بائعي المنايدل بجرسيف.. حرمان وانتهاك للحقوق

حفيظة لبياض.

تعد ظاهرة تشغيل الأطفال آفة اجتماعية خطيرة، نظرا لمساوئها، حيث تسبب الضرر للفئة الناشئة، فهي هضم لحقوق الطفل، ويؤثر سلبا على نموه الجسدي والنفسي والعاطفي والذهني، وتعرف هذه الظاهرة انتشارا واسعا بالعالم بأسره، حيث تعج المدن المغربية بأطفال الشوارع، منهم من يمارس التسول وبعضهم يشتغلون ويعتبرون الشارع مأوى لهم.

وقد أثارت إنتباهنا مؤخرا ظاهرة الأطفال بائعي المناديل بجرسيف، فاختار موقعنا تسليط الضوء على هذه الفئة، فحاولنا التواصل مع هؤلاء الأبرياء، للكشف عن دواعي وعوامل قضاء وقتهم بالشوارع لبيع المنايدل بدل من تواجدهم بالمدرسة أو داخل بيوتهم خاصة خلال الظروف الإستثنائية التي تعيشها بلادنا بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث لاحظنا أنهم يعبرون الشوارع والأزقة طوال النهار بدون أدنى شروط السلامة الصحية، يتلقون أحيانا التعاطف، ومرات أخرى العنف اللفظي وما يماثله، فيعيشون الحرمان وعدم الأمان.

وقال سفيان في تصريح لموقعنا، سني 7 سنوات، أقطن بدوار غياطة، وأشتغل من أجل كسب المال لشراء الأدوات المدرسية ولمساعدة أهلي، خاصة وأنني أملك الوقت الكافي إثر التمدرس بالتفويج خلال هذه الجائحة، فأعود إلى البيت بعد آذان صلاة المغرب، أحيانا مشيا على الأقدم، وأوقات أخرى عبر الحافلة.

كما صرح ياسين الذي يبلغ من العمر 12 سنة، أنه يقطن بحي حمرية ويقضي وقت فراغه وسط المدينة، حيث يعرض “كلينكس” للبيع، على المارة وسائقي السيارات، وبالمقاهي والمطاعم، وذلك لمساعدة أسرته، -كنخذم على مالين الدار وكنقرا في الإعدادي أسبوع أه وأسبوع لا-.

وفي ذات الصدد حاورنا عدة أطفال، فكانت لهم نفس تصريحات زملائهم، مما يحيل أن هؤلاء الأطفال يشتغلون بعلم أسرهم، مما يثير عدة تساؤلات تبقى عالقة، وترتبط بعدة دوافع، وعلى رأسها الفقر، الجهل والبطالة، وما ينجم عنه من آثار مجتمعية سلبية.

عبد الإلاه دوز: الأسرة تنتج طفل في وضعية الشارع والمجتع المدني بجرسيف لم يتقدم بمشاريع تهم هذه الفئة”

اعتبر عبد الإلاه دوز مدير وحدة حماية الطفولة التابعة لمندوبية التعاون الوطني بجرسيف، في تصريح لجريدة “أكيد 24″، أن الأطفال في وضعية الشارع وخاصة الذين يبحثون عن العمل دون السن القانوني كبائعي المناديل، هم ضحايا العنف، التفكيك الأسري والتنشئة الإجتماعية ثم التربوية، حيث أكد “دوز” انه استقبل طفل بمكتبه للاستماع له، فوجد كل همه إيجاد عمل من أجل مساعدة امه في شراء المواد الغذائية وبناء بيت، وحين طلب منه نسخة من الحالة المدنية، وإحضار أمه لمندوبية التعاون الوطني، ذهب الطفل ولم يعود.

وأردف دوز أن المركز الذي يسيره لا يعرف أي إقبال من طرف هؤلاء الأطفال، حيث يعودون إلى أحضان أسرهم بعد قضائهم النهار بالشارع، ومن خلال مقابلته لبعض الأطفال يكتشف أن همهم الوحيد طرف خبز، فهم ليس بحاجة للتأطير أو البقاء داخل المركز، حيث أشار دوز أن فعاليات المجتمع المدني لم تتقدم بالمشاريع التي جاءت بها وزارة التنمية الإجتماعية لحماية الطفولة، خاصة وأن هذه الأخيرة تتطلب تظافر جهود كل من المنظمات الحكومية كوزارة التعليم والسلطات إلى جانب المنظمات غير الحكومية.

فؤاد الربع: عدم العناية بالأطفال يؤدي إلى استغلال براءة الطفولة

قال فؤاد الربع رئيس مركز الشرق للدراسات والأبحاث، أن موضوع تشغيل الأطفال من المواضيع التي حظيت باهتمام كبير من طرف فعاليات المجتمع المدني والحقوقي وطنيا ودوليا، نظرا لحجم المسائلة الإنسانية التي يطرحها، فالطفل يحتاج إلى كامل العناية، فالتقصير في حقوقه يؤدي إلى استغلال براءة الطفولة واستخذامها في مختلف الأعمال، كالتشغيل بالمنازل والحرف اليدوية…

وصرح الربع أن مكافحة هذه الممارسات، استدعت سن العديد من القوانين لحماية الطفل منذ ولادته إلى أن يصبح شابا، وفي هذا الإطار جاءت الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل سنة 1989، والتي تعتبر بمثابة القانون الأساسي لحماية الطفل، كما يتصدى المغرب لهذه الظاهرة، بفضل المجتمع المدني والهيئات الحقوقية والهيئة التسريعية، سواء من خلال القانون أو الإعلام والتحسيس او الممارسة العملية.

وأضاف الربع أن المشرع المغربي سن عدة قوانين، أهمها قانون 12-19 القاضي بتحديد شروط الشغل والتشغيل الخاصة بالعاملين والعمال المنزليين، إضافة إلى مدونة الشغل المغربية التي اصدرت بتاريخ 26 أكتوبر 2011، وخاصة المواد من 142 إلى 151، حيث تحث على منع تشغيل القاصرين، ورغم الترسانة القانونية الدولية والوطنية، إلا أن الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال واستغلالهم يحتاج إلى العمل الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى