دوليةمجتمع

أروبا تدرس إمانية منح فيزا انسانية لتفادي حوادث الغرق في البحر الأبيض المتوسط

تتكرر حوادث غرق قوارب المهاجرين أثناء رحلة الوصول إلى أوروبا، ولعل آخر فصول هذه المأساة، حادثة الغرق قبالة سواحل تونس والتي راح ضحيتها 54 شخصا على الأقل عندما كانوا في طريقهم إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في 4 يونيوالمنصرم.

وتم العثور على جثثهم، بما في ذلك 24 امرأة وثلاثة قاصرين جميعهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. واستمرت عمليات البحث حتى تم انتشال آخر الجثث العالقة على الساحل التونسي في 11 يونيو.

وقد أعادت هذه المأساة مرة أخرى الحديث داخل أروقة البرلمان الأوروبي عن عدم وجود قنوات قانونية لطالبي اللجوء للوصول إلى الاتحاد الأوروبي دون المخاطرة بحياتهم والحاجة إلى تجديد أنظمة وقوانين الهجرة.

ويُعد ذلك أحد أهم التحديات التي يواجهها البرلمان الأوروبي، ويأمل أن يتم حلها من خلال ميثاق جديد بشأن الهجرة واللجوء يجدد الاتفاق الذي تم تبنيه عام 2008.

وتُشير البيانات، حسب صحيفة الموندو الإسبانية، إلى أن 95٪ من الأشخاص الذين حصلوا على حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي وصلوا بشكل غير قانوني إلى الدول الأوروبية.

ويعني ذلك أنهم خاطروا بحياتهم للوصول إلى أوروبا وسلموا أنفسهم لشبكات الاتجار بالبشر ومن نجا منهم تم الاعتراف له بحقٍ يحق له أصلا.

ولهذا السبب، يحث البرلمان الأوروبي على توسيع القنوات القانونية للحصول على اللجوء والحماية الدولية، أو ما يسمى بـ “التأشيرات الإنسانية”، وإصلاح الإطار القانوني الحالي للهجرة الخاص بالعمال المؤهلين تأهيلا عاليا والعمال الموسميين، من بين فئات أخرى. وتعكف لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي على إعداد تصور حول الموضوع يُنتظر تقديمه شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، لا سيما بعد إصرار رئيسة المفوضية الأوروبية على تعديل لوائح الهجرة الأوروبية.

وتنقل الصحيفة الإسبانية عن، خوان فيرناندو لوبيث أغيلار، رئيس لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي، قوله أن المهاجرين يضطرون لقطع الصحاري والبحار والمخاطرة “بحياتهم بدفع مبالغ للمافيا تصل إلى 7000 أو 8000 يورو، في الوقت الذي كان بإمكانهم ببساطة أخذ طائرة مقابل 300 يورو والوصول إلى أوروبا”.

ويضيف السياسي الأوروبي أن السبب يرجع إلى “أنه لم تكن لديهم طريقة أخرى للوصول إلى أوروبا. لأنه لا توجد طرق قانونية أمام شخص يعاني من الاضطهاد للوصول إلى أوروبا بشكل قانوني، لذلك يضطرون إلى القدوم بشكل غير قانوني، وعند الوصول إلى أوروبا يكشفون عن تعرضهم للاضطهاد في بلدانهم، بما يمنع عليهم العودة، إنهم يريدون قانون لحمايتهم. إنها مأساة”.

وحتى عام 2020، وصل 10076 مهاجرا وطالب لجوء إلى اليونان عن طريق البحر، و7697 إلى إسبانيا، و5472 إلى إيطاليا و1695 إلى مالطا.

ولقي ما لا يقل عن 186 شخصا مصرعهم في عرض البحر الأبيض المتوسط ​​خلال هذه الفترة، وفقا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تم تحديثها في 15 يونيو/ حزيران. وتُعد هذه واحدة فقط من الطرق غير القانونية للوصول إلى أوروبا.

وسجلت وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” ما مجموعه 31600 دخول غير قانوني إلى أوروبا بين يناير/ كانون الثاني وماي/ آيار الماضي، أي أقل بنسبة 6٪ عن نفس الفترة من العام الماضي.

ولكن من دون شك، يبقى البحر الأبيض المتوسط هو أكثر الطرق ازدحاما والأكثر فتكا بالمهاجرين. وفي عام 2019 وحده، غامر 110699 شخصا في هذه الرحلة ولقي 1283 شخصا مصرعم في المحاولة.

ومنذ ما يسمى “أزمة اللاجئين” سنة 2015 وحتى اليوم، غرق حوالي 17000 شخص وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط.

وتم إنقاذ ما يقرب من نصف مليون شخص. وتستخدم بعض الدول الموارد العامة، مثل إسبانيا (سالفامنتو والحرس المدني)، وإيطاليا (الحرس الساحلي)، يخلص لوبيث أغيلار.

ويتيح ميثاق الهجرة واللجوء الجديد فرصة لمنع هذه الوفيات من خلال تعزيز الطرق السريعة، الآمنة والقانونية للوصول إلى أوروبا وتحسين نظم اللجوء وتعزيز الاندماج.

ويقول رئيس لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي “إن ميثاق الهجرة واللجوء لا يأتي لسد فجوة، حيث يوجد بالفعل تشريع معمول به”.

ويضيف أغيلار: “لكنه يأتي في محاولة لحل بعض المناقشات السياسية التي تستمر لعدة سنوات. المعركة السياسية الرئيسية هي اتفاقية دبلن، إنها عنق الزجاجة”.

وتُنظم هذه الاتفاقية – وهي قانون أوروبي ملزم مباشرة للدول الأعضاء – إدارة طلبات اللجوء والحماية الشاملة للاجئين المعترف بهم على أنهم يتمتعون بمثل هذا الوضع في دولة الدخول الأولى التي يصل إليها طالب اللجوء.

ويختتم، فيرنانديث لوبيث أغيلار، حديثه قائلا: “وهذه هي النقطة الخلافية الأهم”.

من ناحية، لأن بعض الدول الأعضاء لا تمتثل لهذه الاتفاقية وتسمح بنقل طالبي اللجوء إلى بلدان أخرى، ومن ناحية أخرى، بسبب عدم التضامن في إدارة طلبات اللجوء وتدفقات الهجرة.

ويضيف: “وهذا ينتهك القانون الأوروبي لأن التضامن هو تفويض ملزم للدول”، يذكر وزير العدل الإسباني السابق، فيرنانديث لوبيث أغيلار.

وأصبحت البلدان المجاورة للبحر الأبيض المتوسط ​، بمثابة البوابة الأولى لأوروبا. ولطالما طالبت هذه الدول بتوزيع تدفق الهجرة بشكل متناسب – وفق نظام الحصص الشهير بين 27 دولة-، وهو ما أدى إلى توتر العلاقة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب مما أدى إلى تعطيل عملية الإصلاح لسنوات.

وتُطالب كل من قبرص واليونان ومالطا وإيطاليا وإسبانيا بتطبيق مبدأ التضامن المُلزم الذي تفرضه معاهدة لشبونة. ولكن هناك دولا أخرى تعرقل أي تقدم في في مسار التضامن، ومن بينها المجر وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا، حيث ترفض بشكل قاطع استقبال أي مهاجر أو طالب لجوء من منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومع بدء الدورة التشريعية الجديدة بعد الانتخابات الأوروبية في ماي 2019، أدرجت الرئيسة الحالية للمفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين، في برنامج عملها، التفاوض على الميثاق الجديد بشأن الهجرة واللجوء لإجراء إصلاحات تساعد على التغلب على تقادم اتفاقية دبلن، التي تم تجاوزها بعد أزمة عام 2015، وتكييف الإطار القانوني الأوروبي مع الإطار الدولي، بعد موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين والاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية سنة 2018.

لكن الوباء أصاب الاتحاد الأوروبي بالشلل، بالتزامن مع عزم مفوضة الداخلية، يلفا يوهانسون، تقديم اقتراحها إلى لجنة الحريات المدنية التابعة للبرلمان الأوروبي في مارس الماضي.

وبالنظر كذلك إلى الجمود الحالي بسبب انصباب الاهتمام الأوروبي على خطة الإنقاذ المالي لما بعد الوباء التي ناقشها المجلس الأوروبي، سيتعين الانتظار حتى سبتمبر/ أيلول للاستماع إلى مقترحات جوهانسون.

وفي هذه الأثناء، تعكف لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي برئاسة الإسباني، فيرناندو لوبيث أغيلار، على إعداد تصورها بشأن الموضوع.

وتُعدّ اللجنة هي صاحبة العبء التشريعي الأكبر في البرلمان الأوروبي. وتعمل اللجنة على تغيير وجهة النظر السائدة في الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة، والتي كان يطغى عليها الطابع السلبي.

وينظر للهجرة في المناقشات الكبرى وخاصة الخطاب المُسيطر في المجلس الأوروبي بنظرة سلبية. ويقول أغيلار أنه من الواجب تغيير النظرة إلى ظاهرة الهجرة من خلال نهج شامل، واعتبارها ظاهرة لطالما كانت موجودة تاريخيا، “فهي ليست نتيجة أزمة، وليست ثورة بل هي حدث مستمر في تاريخ البشرية”، حسب رئيس اللجنة.

ويخلص، لوبيث أغيلار، إلى القول لقد “أصبحت سياسة الهجرة واللجوء المشتركة ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى في رأي الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي”.

ويتم توضيح ذلك بيانيا من خلال تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي يحسب تكلفة عدم تحرك أوروبا في هذه المسألة.

وبعبارة أخرى، إذا لم تكن هناك سياسات هجرة مشتركة داخل الاتحاد الأوروبي، بما يُسهل الوصول القانوني للعمال من بلدان ثالثة، وفتح القنوات القانونية لطلبات اللجوء، واتخاذ سياسات لصالح الاندماج والمساواة، فسوف تخسر أوروبا ما يصل إلى 21 مليار يورو.

إن أوروبا هي قارة تشيخ بسرعة، “ويأتي المهاجرون لملء الفراغ الموجود في مجالات العمل التي يوجد فيها طلب موضوعي على العمال الأجانب، حيث يساهمون بقوتهم العاملة ومساهمتهم والضرائب في استدامة النموذج الأوروبي، وهو ما يقف أمام أي تشويه لسمعة الهجرة”، يخلص رئيس لجنة الحريات المدنية والعدالة والداخلية في البرلمان الأوروبي، فيرناندو لوبيث أغيلار.

إسبانيا بالعربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى