لدي رأي في دورة مرت على صفيح ساخن سرعان ما خفتت نيرانها
عهد الدياني
هذه الدورة حظيت باهتمام كبير من لدن رواد مواقع التواصل الإجتماعي قبل انعقادها بأكثر من أسبوع حملوها عبارات مختلفة و منها على سبيل الذكر: ” زلزال سياسي” يضرب المجلس البلدي بقوة مرتفعة على سلم تحالف سمي اختصارا بإسمين مختلفين : “ج.ا.ع” أو ” ب.م.م” ناهيك عما كتبته الصحافة الوطنية بدورها عن الدورة و هزاتها المرتقبة.
لم تكن رياح 18 أبريل 2019 تجري بما تشتهيه مراكب البعض مقارنة بنقط جدول أعمال الدورة حيث بدت القاعة قابلة للإنفجار السياسي و التوجس من المتوقع، إلا أن التفاعل مع النقط على الرغم من سخونتها كان ذَا منحى سياسي و قانوني أفضى إلى تجنب كل توتر أو تلاسن يذكر.
ما هي مميزات هذه الدورة؟
من وجهة نظري الخاصة جدا تميزت بإصدار “العفو” عن نقط ظلت رهن ” الإعتقال الإحتياطي” بالمجلس البلدي لأكثر من أربع سنوات عاشها أصحابها على أمل إنتظار الذي يأتي و لا يأتي ، و بالمناسبة أغتنم الفرصة لأهنئ هؤلاء المواطنين على الخلاص التام لمشاكلهم مع الجماعة. و أدعو صادقة إلى عدم تكرار مثل هذه الإجراءات المخلة بمصالح المواطنين لإعتبارات سياسية فقط.
كما تميزت الدورة كذلك بالمصادقة على مشاريع مهمة ستمثل نقلة نوعية في تعزيز البنية التحتية للمدينة منها محطة القطار من خلال نقل الملك العام للملك الخاص. و كذا الفعل الثقافي في إطار مشروع قيد الإنجاز الذي يعد معلمة فكرية و علمية بالنسبة للمدينة بعد الإنتهاء من أشغال بنائه، بالإضافة إلى المصادقة على شراكة بين جماعة تازة و وكالة إنقاد مدينة فاس العتيقة لتبادل الخبرات في مجال تأهيل المدينة العتيقة بتازة.
و في نفس السياق خطى المجلس خطوة أخرى نحو الرفع من مستوى تدبير شأنه المحلي بالمصادقة على الإنضمام إلى شركة التنمية الإقليمية المحدثة من طرف المجلس الإقليمي. كما نهج المجلس البلدي مقاربة جديرة بالإهتمام تخص التدبير المفوض و إحداث شركات المساهمة للتنمية في عدة قطاعات حيوية كالمحطة الطرقية و الإنارة العمومية في إنتظار المصادقة على التدبير المفوض لقطاع النظافة . بالإضافة إلى المصادقة على برنامج عمل الجماعة الذي يعد خارطة طريق لبرمجة و إنجاز عمل الجماعة داخل غلاف زمني محدد كما نصت عليه مقتضيات القانون المنظم للجماعات 113_14 و بذلك صارت الجماعة ملزمة بتنفيذ برنامجها كان ذلك على المنظور الآني أو القريب، و كل إخلال فيما تم تسطيره يعد إخفاقا متبوعا بالمحاسبة.
نقطة الإقالات و الإنتظارات السارة و الضارة.
شهدت قاعة الإجتماعات بالجماعة الحضرية أجواءا تداخل فيها الغضب و الإرتياح بعد تناول النقطة 15 و ما تلتها من نقط إلى رقم 33 من جدول أعمال الدورة و التي عرفت بنقط الإقالة لدى الشارع و جل المتتبعين للشأن المحلي حيث كانت مثار جدل قانوني و سياسي واسع إذ اعتبرها “المقالون “غير قانونية و حملوا فيها السلطات مسؤوليتهم بينما صادقت عليها أغلبية التحالف الجديد. و على ضوء ذلك ذلك دخل تحالف الأغلبية في ضبابية غير واضحة المعالم بعد أن وضعت اللعبة كل الأحزاب المكونة للمجلس البلدي و على رأسه المكتب المسير موضع التناقض الصارخ في تحديد الأحزاب المشاركة في تدبير الشأن المحلي.
و بتفصيل أدق نجد أن أولئك الذين يعتقدون خطأً أن الحركة الشعبية توجد خارج تدبير الشأن المحلي عليهم أن يتذكروا أنها لا زالت ممثلة بنيابتين في تركيبة المجلس إلى أن يقول القضاء كلمته في الإقالات المتنازع عليها. و بنفس الملاحظة احتفظ حزبا التقدم و الإشتراكية ، و الأحرار بمهمتين في تدبير الشأن المحلي ( رئاسة لجنة).
في خضم لعبتي التحالف و التنافر يبقى السؤال المطروح حول جدية و تماسك هذا التحالف إلى درجة مقاومته للتصدع و الإنشقاق؟
بعد مرور أسبوع على انعقاد الدورة الإستثنائية بدأت تلوح في الأفق بوادر طلاق ممكنة تزيد من حدتها الطموحات السياسية الفردية و تضارب المصالح الحزبية و الشخصية.
فهل ستعود حليمة لعادتها القديمة؟
و بعودتها المستبعدة حاليا و الممكنة في أفق تحقيق انتصارات ينطق بها القضاء، ستكون المدينة قد دخلت نفقا لا يوجد بآخره ضوء بل متاهة و خواء.
و بالرجوع إلى الفعل السياسي و إكتمال نضجه كما صرحت بذلك في تدخل لي أثناء الدورة نجده رهينا بالحرص على إنجاز المشاريع المبرمجة و الإسراع في إخراجها إلى حيّز الوجود كمؤشر فعلي و واقعي من خلاله يمكن للمنتخبين أن يعقدوا صلحا مع أنفسهم و المدينة ، لكن هل هذا وحده يكفي لصناعة تنمية مستدامة ظل البعض أو الكل يزعم على أنه قائدها؟
التنمية المستدامة تستند في تنفيذها على أسس عديدة يصعب الجمع فيما بينها إلا من خلال مقاربة تشاركية تتفاعل فيها المقترحات و الأفكار ثم المواقف و هذا يتطلب تضافر الجهود من قبل كل الشركاء، و على رأسهم السلطات الإقليمية خصوصا و أن السيدالعامل أبان عن رغبة قوية في العمل و هذا بشهادة الجميع حيث أنه سجل بصمته في العمل الجدي خلال الأيام الأولى من توليه المسؤولية على رأس الإقليم، و لذلك وجب التنسيق و التشاور بغية تحقيق تكامل فعال يدفع بعجلة التنمية نحو الأمام، غير ذلك ستسير المدينة عرجاء إذا كانت السلطات في واد و المنتخبون في واد آخر.