كُتّاب وآراء

الأغلبية الحكومية بين التفاعل مع الشارع وتجديد خطاب الالتزام: قراءة في بيان هيئة رئاسة الأغلبية 

البشير الخريف/الزاك 

انعقد يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025 بالرباط اجتماع لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في خضم سياق سياسي واجتماعي يتسم بالاحتقان والتوترات المتنامية، حضره قادة الأحزاب الثلاثة المشكلة للتحالف، إلى جانب عدد من الوزراء والقيادات السياسية. البيان الختامي الصادر عن هذا اللقاء حمل بين طياته رسائل سياسية واضحة، تعكس في جانبها الأول محاولة استيعاب نبض الشارع المغربي، وفي جانبها الثاني تأكيد الاستمرارية في خطاب الإصلاح المؤسساتي.

*أولا :استحضار التوجيهات الملكية السامية*

البند الأول من البلاغ جاء وفيا للتقليد السياسي المعتاد، إذ ركز على استحضار مضامين خطاب العرش الأخير الذي دعا إلى جيل جديد من البرامج التنموية. الأغلبية اعتبرت أن الانخراط في تنفيذ هذه التوجيهات سيكون منطلقا أساسيا لإعداد قانون المالية 2026، بما يحمله من رهانات تتعلق بتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. وهنا يطرح سؤال جوهري: إلى أي حد سيتمكن القانون المالي المقبل من الانتقال من الشعارات الكبرى إلى إجراءات ملموسة تلامس الحياة اليومية للمواطن؟

*ثانيا : التفاعل مع التعبيرات الشبابية*

النقطة الثانية في البيان اكتسبت أهمية خاصة، بالنظر إلى السياق المرتبط بخروج موجة من الاحتجاجات الشبابية، خاصة تلك التي أطلق عليها إعلاميا “جيل Z”. الأغلبية أكدت حسن الإصغاء لهذه التعبيرات، معلنة استعدادها للتجاوب معها داخل المؤسسات وبوسائل الحوار. غير أن التحليل يكشف عن مفارقة؛ فبينما يشدد البلاغ على المقاربة الحوارية، تظل الأسئلة مفتوحة حول فعالية هذه القنوات في ظل اتساع الهوة بين الشباب والمؤسسات التمثيلية التقليدية.

*ثالثا : ورش الصحة في قلب النقاش*

البيان لم يغفل قطاع الصحة، الذي ظل لعقود إحدى أضعف الحلقات في السياسات العمومية. فقد أقر بأن الاحتجاجات الشبابية تلتقي مع أولويات الحكومة في هذا المجال، مبرزا أن الإصلاح الجاري يحتاج إلى وقت لإظهار نتائجه. الإشارة إلى المبادرة البرلمانية المتعلقة بعرض وزير الصحة أمام اللجان المختصة تعكس محاولة لتوسيع النقاش المؤسساتي، غير أن التحدي الأكبر يظل مرتبطا بمدى قدرة الحكومة على إقناع المواطنين بسرعة وفعالية الإصلاحات.

*رابعا : خطاب الالتزام الشامل*

في ختام البلاغ، أعادت الأغلبية التأكيد على محاور برنامجها الحكومي: الحماية الاجتماعية، إصلاح الصحة والتعليم، تشجيع الاستثمار، السكن، تمكين الشباب، مواجهة أزمة الماء، وإصلاح العدالة. هذا التذكير يبدو أشبه بإعادة إنتاج لوعود سابقة، ما يجعل الرهان معلقا على الترجمة الفعلية لهذه الالتزامات في قرارات ملموسة تعيد الثقة إلى العلاقة بين المواطن والدولة.

*خلاصة تحليلية*

يمكن القول إن البيان يمثل محاولة مزدوجة: تهدئة الشارع من جهة عبر لغة الإصغاء والانفتاح، وتجديد التعاقد السياسي مع المؤسسة الملكية من جهة أخرى عبر التأكيد على الالتزام بالتوجيهات السامية. غير أن التحدي الأبرز يظل قائما: كيف ستنجح الأغلبية في تحويل خطاب الطمأنة إلى سياسات عملية تعالج جذور الاحتقان الاجتماعي وتستجيب لتطلعات الشباب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى