لمياء اليغموري
يستمر مسار منحنى فيلم “السلعة ” في تحقيق الاستحقاق و التميز بشكل تصاعدي ملفت للاهتمام، فبعد نيله لجائزة الإنتاج في المهرجان الوطني للفيلم المغربي سنة 2022، وجائزة أفضل إنتاج في المهرجان الدولي للسينما والهجرة بمدينة أكادير، حصل هذا العمل السينمائي الذي أنتجه رجل الأعمال والمنتج المغربي محمد الحسن الشاوي وأخرجه محمد نصرات على الجائزة الكبرى للدورة الـ12 للمهرجان الدولي للسينما والهجرة، الذي اختتمت فعالياته يوم 25 نوفمبر 2024 بمسرح محمد السادس في مدينة وجدة.
ويأتي هذا التتويج ليؤكد مكانة الفيلم كعمل سينمائي متميز يعالج قضية الهجرة غير النظامية من زاوية إنسانية وواقعية، و يرسخ مكانة المنتج المواطن محمد الحسن الشاوي كواحد من أبرز الأسماء التي ساهمت في النهوض بالإنتاج الفني والثقافي في المغرب، إذ رغم كونه رجل أعمال إلا أنه اختار توظيف جزء من ثروته لدعم السينما والفنون، مؤمنًا بأنها وسيلة فعالة لتسليط الضوء على القضايا المجتمعية وإثارة النقاش حولها.
خلال السنوات الأخيرة، أبدع محمد الحسن الشاوي في إنتاج العديد من الأعمال السينمائية المتميزة التي حظيت بإشادة واسعة محليًا ودوليًا. من بين هذه الأعمال الفيلم الوثائقي “معجزات قسم”، الذي يسلط الضوء على معاناة المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف، والفيلم الروائي الطويل “مسعود، سعيدة وسعدان” للمخرج إبراهيم الشكيري، والفيلم الروائي “أبواب السماء” للمخرج مراد الخوضي.
وعودة إلى فيلم “السلعة” المتوج، فهو يعالج رحلة مؤلمة لمجموعة من المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر المحيط الأطلسي أملًا في تحسين ظروفهم المعيشية، لكنهم يجدون أنفسهم في قبضة عصابات الاتجار بالبشر التي تعاملهم كسلع تُباع وتُشترى دون أدنى اعتبار لإنسانيتهم ومعاناتهم. في هذا السياق، يقدم الفيلم رؤية صادقة وقاسية عن هذه المأساة، لتسليط الضوء على التحديات والصراعات التي تواجه هؤلاء المهاجرين، وكأنه مرآة لكل من فقدوا حقوقهم في البحث عن حياة كريمة.
إن نجاح فيلم “السلعة” لم يكن ممكنًا دون الدعم الكبير الذي وفره محمد الحسن الشاوي، الذي عمل على تأمين كافة الموارد اللازمة لفريق العمل بقيادة المخرج محمد نصرات. وقد أثمرت هذه الجهود عن عمل سينمائي متكامل نال إعجاب الجمهور ولجنة التحكيم في المهرجان. وصرح المخرج محمد نصرات بأن الفيلم يعكس قضية عالمية لا تقتصر على منطقة معينة، بل تمس كل المجتمعات، وهو ما يجعل العمل ذا أهمية كبيرة في إثارة النقاش حول الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر.
يمثل فيلم “السلعة” نموذجًا مميزًا للتعاون الناجح في صناعة السينما المغربية، حيث يبرز دور المنتج محمد الحسن الشاوي في تجسيد أهمية التآزر بين القطاعين العام والخاص. هذا التعاون لا يقتصر على الدعم المادي فقط، بل يمتد إلى الدعم المعنوي، مما يعزز من تطور الإنتاج السينمائي الوطني ويفتح آفاقًا جديدة أمام المبدعين. بفضل هذا النهج التشاركي، يتمكن صناع السينما من تناول القضايا الحساسة بجرأة وحرية أكبر، مع تحسين جودة الأعمال ورفع مكانة السينما المغربية على الساحة الدولية.