إنهاء الإضراب لا يحتاج لحوار…
ذ/محمد كنون.
أجرى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لقاء مع ممثلي نقابات التعليم “الأكثر تمثيلية” يوم الإثنين 27 نونبر 2023، لإطلاعهم على مقترحات الحكومة حول نقاط الخلاف المرتبطة بقطاع التعليم، بهدف وضع حد للإضراب الذي يشله منذ أسابيع. و في تصريح لممثلي النقابات المشاركة في الاجتماع، تم التأكيد على أن الحكومة ستجمد النظام الأساسي لموظفي التعليم، رغم أن التجميد مفهوم لا سند قانوني له، على أن يتم إيجاد صيغة متوافق عليها للنقاط الخلافية قبل منتصف يناير 2024، دون أن تُعطي هذه النقابات رأيها المفترض في مقترح الحكومة، قبولا، أو رفضا، أو تحفضا. و مع ذلك، لا يزال رجال و نساء التعليم متشبثين بالإضراب عن العمل إلى حين تحقيق مطالبهم في شموليتها. فماذا يعني الاستمرار في الاحتجاج إذن ؟
أولا، إن الاستمرار في الإضراب يعتبر رفضا صريحا لمقترح الحكومة القاضي ب”تجميد” النظام الأساسي لأطر التربية و التكوين و الزيادة في أجورهم، غير المعلن عن تفاصيلها و لا عن قيمتها بالتدقيق، و أنه لا محيد عن إيجاد حلول واقعية، تصون كرامة رجال و نساء التعليم، و تجعل من المدرسة العمومية أولوية وطنية لا تنازل عنها. فالتسويات الممكنة، لا يمكن أن تكون مؤقتة أو مُشبعة بالغموض أو التردد.
ثانيا، الاستمرار في الإضراب يعتبر سحبا للبساط من النقابات المترددة التي لم تُبد موقفا واضحا من مقترح الحكومة، لتبقى الكلمة للتنسيقيات الكبرى للتعليم التي يبدو أنها لا تزال قادرة على التعبئة لقواعدها في كل الجهات و الأقاليم، فأخدت زمام المبادرة بمواصلة الإضراب، مؤكدة أنها الفاعل الأساس في إدارة التفاوض، و فرض مطالبها على الحكومة.
و لحل هذه المعضلة المتشعبة و إنهاء إضراب رجال و نساء التعليم، نعتقد أن الأمر أصبح لا يقبل التماطل و لا التسويف، و لا يحتاج لاجتماعات لا متناهية بين الحكومة و ممثلي النقابات، لما لذلك من هدر للزمن الدراسي، و تهديد للسلم الاجتماعي، بحيث إن مطالب رجال التعليم تظل واضحة و لا يكتسيها أي لبس، يمكن اختصارها فيما يلي :
أولا، سحب النظام الأساسي للتعليم بإصدار مرسوم لرئيس الحكومة استعجالا، يرمي إلى إلغائه.
ثانيا، إصدار مرسوم يقضي بإلغاء التعاقد في التوظيف، و إدماج الأساتذة المتعاقدين في نظام الوظيفة العمومية، مع احتفاظهم بكل الحقوق و الامتيازات المكفولة قانونا منذ تاريخ تعيينهم في أسلاكهم.
ثالثا، إلغاء السن المحددة للتوظيف في 30 سنة، و العمل بقرار الوزير الأول (عبد الرحمان اليوسفي) القاضي بتمديد سن ولوج الوظيفة العمومية إلى 45 سنة.
رابعا، الرفع من أجور رجال و نساء التعليم بما يضمن كرامتهم، تماشيا و غلاء المعيشة التي أصبحت تقض مضجع كل الفئات المجتمعية.
خامسا، إلغاء كل العقوبات الصادرة في حق الموقوفين عن العمل من رجال و نساء التعليم على خلفية الاحتجاج ضد التعاقد.
إن هذه الإجراءات لا تتطلب حوارا مطولا بين الحكومة و النقابات، بل تحتاج لقرار سياسي جريىء يضمن السلم الاجتماعي و يعيد رجال التعليم و التلاميذ إلى مؤسساتهم، لتبقى المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.