سياسةمجتمع

منح الجمعيات بجرسيف .. الجدل المستمر

حفيظة لبياض.

أثار موضوع توزيع منح دعم الجمعيات من طرف مجلس جماعة جرسيف ضجة كبيرة، حيث دأب رواد مواقع التواصل الاجتماعي الحديث عن كيفية توزيع المنح، حيث يطرح فاعلون جمعويون وسياسيون ومواطنون عاديون، عدة تساؤلات واستفسارات حول ما وصفوه بالعبث والتدبير اللاعقلاني للمال العام، وترسيخ منطق الريع الجمعوي.

ومن أجل الكشف عن المعايير المتخذة من طرف المجلس الجماعي لدعم فعاليات المجتمع المدني، وكيفية تصنيف الجمعيات بين الجادة والنشيطة، وغير الجادة والصورية، قامنا باستقصاء آراء الفاعلين وبعض المسؤولين حول هذا الموضوع.

كوراس : الجمعيات التي يتم إقصائها، غالبا جمعيات مستقلة وتتميز بالمصداقية والوضوح.

يقول “رشيد كوراس” الفاعل الجمعوي متحدثا “لموقع أكيد 24″، لا أعلم أي معيار يتم من خلاله انتقاء الجمعيات التي تستفيد من الدعم السنوي من طرف المجلس البلدي، نظرا لاستفادة بعض الجمعيات الحديثة التأسيس، فقط لأنها تنتمي للحزب المسير، أو تخدم بعض الأجندة، فهل يعقل أن تستفيد جمعية تأسست سنة 2018 من مبلغ قدره 15000  درهما، وليس لها أي نشاط  جاد، أما بالنسبة  للجمعيات التي يتم إقصائها، غالبا جمعيات مستقلة وتتميز بالمصداقية والوضوح.

وصرح “محمد بودينة” فاعل جمعوي بجرسيف، قائلا “للأسف الشديد الطريقة التي إعتمدها المجلس في توزيع منح الجمعيات لا تحترم معايير الشفافية والوضوح، حيث تغيب الجمعيات في اللجنة التي تسهر على توزيع المنح، إذن أين هي الديمقراطية التشاركية؟ فيبقى المعيار الوحيد هو الولاء لمول الشكارة، وينبغي أن توزع  المنح من أجل خدمة الصالح العام من قبل الجمعيات النشيطة، وليس تبذير المال العام من أجل التفاهات وشراء الذمم والولاءات، وإذا استمر هذا الوضع فسنعتزل العمل الجمعوي”.

سمية بدراوي : إقصاء الجمعيات الجادة هو عبث ولا مسؤولية.

من جهتها تؤكد الفاعلة الجمعوية النشيطة في المجال الإجتماعي بالإقليم “سومية بدراوي”، أن إقصاء الجمعيات الجادة بشكل عام وجمعيتنا بشكل خاص بشكل غير مشروع هو عبث ولا مسؤولية، ودعت جمعية فضاء الأمل التي ترئسها، من خلال بيان توصلنا بنسخة منه، المجلس الجماعي وكافة المسؤولين إلى إعادة النظر في عملية تقسيم المنح، والإعلان عن موقف رسمي من أجل تنوير الرأي العام بجواب منطقي وعقلاني، وتساءلت بدراوي عن دواعي استفادة الجمعيات الغير جادة والحديثة التأسيس والتي لم تنظم أي نشاط جاد في تاريخها، كما اعتبرت إقصاء الجمعيات الجادة مقصودا وغير مبرر، في ظل توفر شروط الاستفادة.

اعتبر “عبد الله رضوان”  مستشار بجماعة جرسيف الحضرية، أن المجلس الجماعي خرق القانون في ما يخص توزيع المنح خلال دورة المجلس لشهر ماي 2019، من خلال تطاوله على الحقل الديني، وتدخله في الشؤون الإسلامية حيث تم تقديم منحة قدرها 10.000.00 درهم لجمعية المحسنين لبناء ورعاية شؤون المسجد.

وأردف رضوان أن اللجنة التي اشتغلت على هدا الملف تتحمل مسؤوليتها في هدا الاختيار، مؤكدا أن ميلاد جمعية ثانية للقصور الكلوي ودعمها من طرف المجلس المسير لا تفسير له إلا استغلال معاناة المرضى وإقحامهم في العملية السياسية.

ونشر رضوان عدة تدوينات عبر حسابه فايسبوك عبر من خلالها عن رفضه لقرارات المجلس الجماعي وخاصة التي تتعلق بطريقة توزيع المنح المخصصة لفعاليات المجتمع المدني.

وقالت “حنان إعيش” رئيسة جمعية  أزماي ديزطوان، متحدثة  لأكيد 24 في محادثة عبر “واتساب”، إن جمعيتها حديثة العهد، نحن لا زالنا في الخطوة الأولى لنثبت أنفسنا في هذا الميدان، حيث نهدف إلى الاهتمام بالصناعة التقليدية اليدوية للمرأة القروية، وأردفت إعيش منذ تأسيس جمعيتنا ونحن نتلقى الدعم والتشجيع ماديا ومعنويا من قبل المؤسسات المحلية والمجلس البلدي ثم المجلس الإقليمي، ومنحتنا جماعة جرسيف دعما قدره 5000 درهم، ونحن لا زلنا في بداية المشوار.

مداح: المسؤول الوحيد هو رئيس الجماعة.

ونفى “محمد مداح” رئيس لجنة توزيع المنح، أن يكون له أي دور أو تدخل في عملية توزيع المنح، قائلا “ليس لدي أي قرار في مسألة الدعم المادي الذي وزعته بلدية جرسيف، والمخاطب والمسؤول الوحيد هو رئيس الجماعة لأنه هو المقرر في هذا الشأن بمعية أعضاء المكتب المسير، فأنا بعيد كل البعد عن إختيار الجمعيات المستفيدة من المنح”.

وفي رد لرئيس جماعة جرسيف “علي جغاوي” على ما يروج من ردود أفعال ومن أجل الحد من موجة الغضب التي أثاره موضوع المنح، صرح لإحدى الصفحات الفايسبوكية المحلية، بأن توزيع المنح جاء بعد دراسة ملفات الجمعيات من طرف لجنة مختصة تتكون من المكتب المسير ورؤساء اللجان ورئيسة لجنة تكافؤ الفرص.

مؤكدا أن شروط الاستفادة من المنح تتجلى في توفر الجمعية على الملف القانوني الذي يحتوي التقريرين الأدبي والمالي، ثم إطلاع اللجنة المكلفة على مداخيل ومصاريف الجمعية، وكذالك عجز الجمعيات التي ترغب في الدعم، معتبرا أن سبب إقصاء الجمعيات يعود إلى عدم جاهزية ملفاتها، أو عدم إحترامها لدفتر التحملات بسبب أنشطتها الغير (جادة).

العشوري: إقصاء الجمعيات الجادة من المنح .. ضرب لبرامج التنمية ومجانب للتعليمات الملكية السامية.

من جهته قال محمد العشوري رئيس جمعية سواعد للتضامن والتنمية وأحد الجمعويين المخضرمين بجرسيف، إن عملية توزيع المنح تخضع لمنطق “الكانة والرشوق”، والمستفيدون منها معروفون فهم إما مقربون من المجلس أو أتباع للرئيس، أو جمعيات تفرض نفسها على المجلس بشكل من الأشكال، كما أن توزيع هذه المنح وهي جزء من المال العام لا يخضع لأي ضوابط منطقية أو أخلاقية كما انه لا يهدف إلى ترسيخ العمل الجمعوي الجاد والرصين الذي يخدم المجتمع، وهذا نتاج حتمي لغياب أية رؤية واضحة لذا هذا المجلس، الذي يتعامل مع كل الملفات بمنطق رد الفعل.

واعتبر العشوري أن إقصاء الجمعيات الجادة والمحايدة والفاعلة هو ضرب لبرامج التنمية، ومجانب للتعليمات الملكية السامية لجلالة الملك الذي ما فتئ يؤكد في مختلف المناسبات على الأدوار الهامة التي يضطلع بها المجتمع المدني في دعم جهود التنمية بشتى تمظهراتها (وليست فقط تلك المرتبطة بالاسمنت والكودرون).

مؤكدا أن ما يعرفه ملف توزيع المنح من مشاكل ناتج أساسا عن غياب أية رؤى لدى المجلس لتحفيز المجتمع المدني الجاد، وكذا غياب أي تاريخ جمعوي يحتدى به لدى جل أعضاء هذا المجلس إن لم نقل كلهم، لذلك نجد هذا المجلس يدعم التفاهات بكل سخاء، في وقت نجده يحرم الجمعيات الجادة من الاستفادة من المنح بشكل معقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى