
أثار الحزب المغربي الحر عاصفة من الجدل في الأوساط السياسية، عقب دعوة أمينه العام، إسحاق شارية، لشباب الحزب إلى الاستعداد لخوض غمار الانتخابات المقبلة بصفة “مستقلة”، بدعوى الاستفادة من الدعم العمومي الموجه لفئة الشباب.
هذه الدعوة التي وُصفت من قبل متتبعين بأنها غريبة ومتناقضة مع روح العمل الحزبي، اعتُبرت دليلاً آخر على تدهور الممارسة السياسية في المغرب، وتحويل الأحزاب إلى أدوات للانتفاع الشخصي بدل فضاءات لإنتاج الكفاءات وتأطير المواطنين.
ويرى مراقبون أن خطوة شارية تمثل اعترافًا صريحًا بعجز الحزب عن الحفاظ على مناضليه وتأطيرهم ضمن هياكله التنظيمية، إذ يدفع بهم إلى الترشح خارج لوائه السياسي، فقط من أجل الحصول على الدعم المالي الذي قد تصل قيمته الإجمالية إلى 35 مليون درهم.
هذا الموقف المثير يطرح تساؤلات جوهرية حول جدوى وجود أحزاب سياسية تطلب من أعضائها التخلي عن انتمائهم، في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه الممارسة الحزبية مدرسة للمبادئ والالتزام والمسؤولية.
ويرى محللون أن ما أقدم عليه الحزب المغربي الحر يُشبه في جوهره “الوساطة الانتخابية” أكثر من كونه خيارًا سياسيًا مشروعًا، إذ يُفرغ الفعل الحزبي من مضمونه، ويجعل من السياسة مجرد صفقة مالية لا علاقة لها بالمصلحة العامة أو بالرهانات الديمقراطية.
ويحذر فاعلون سياسيون من أن مثل هذه التصرفات تُفاقم أزمة الثقة بين المواطن والأحزاب، وتحوّل الدعم العمومي، الذي وُجد أصلاً لتشجيع المشاركة السياسية للشباب، إلى وسيلة جديدة للارتزاق الحزبي وتكريس العبث الانتخابي.
وهكذا يجد الحزب المغربي الحر نفسه في قلب انتقادات حادة، بعدما ساهم بخطوته المثيرة في تسميم المشهد السياسي، وتغذية الشعور العام بانعدام الجدية داخل عدد من التنظيمات السياسية، التي باتت ترى في العمل الحزبي غنيمة مالية لا مسؤولية وطنية.




