
أصدر الباحث عبد الرحمان الزنادي، الحاصل على دكتوراه تحليل السرد من مختبر السرديات والخطابات الثقافية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، كتابه النقدي الأول بعنوان: “تطور السرد العربي بين الصيغة والدلالة” في طبعته الأولى، عن دار كنوز المعرفة الأردنية. ويأتي هذا العمل الأكاديمي ثمرة بحث موسع قدمه الزنادي لنيل شهادة الماستر في مجال السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية، مستندًا إلى سنوات من الإسهامات العلمية والمشاركات في ندوات دولية ونشر دراسات محكّمة في مجلات وكتب جماعية.
يتناول الكتاب مسيرة السرد العربي عبر أهم مراحله التاريخية، حيث يبدأ بتحليل السرد القديم الذي يشمل زمن المدونات الخبرية، مرورًا بمرحلة النهضة السردية مع ظهور بواكير الرواية العربية، ثم الوصول إلى السرد الجديد الذي يتسم بكسر خطية السرد التقليدية والانفتاح على عوالم التعددية الثقافية، مع التركيز على الصيغة السردية والدلالة داخل كل مرحلة.
ويهدف هذا المؤلف إلى تقديم رؤية تاريخية شاملة للسرد الحكائي العربي، تساعد القارئ على فهم تطوره، مع إبراز مكامن الارتقاء والانحسار التي مر بها، بالإضافة إلى تقديم نتائج دقيقة تسهم في تسليط الضوء على وضع السرد العربي بين الماضي والحاضر. كما يناقش الكتاب مدى توفر السرد العربي على اقتصاد سردي حكائي متماسك، ويطرح التساؤل حول ما إذا كان السرد العربي يشهد انتقالًا تصاعديًا من مرحلة إلى أخرى أم لا يزال يواجه تحديات في التطور الفعلي.
اعتمد الباحث في تحليله على أدوات السرديات، وبالأخص الصيغة السردية، إلى جانب السيميائيات الثقافية التي تستعرض الكون السيميائي للأدب، معتمداً على عينات سردية مختارة بعناية لتعكس كفاءة التمثيل والمنطق، منها: “الإمتاع والمؤانسة” لأبي حيان التوحيدي، و”الساق على الساق في ما هو الفارياق” لأحمد فارس الشدياق، بالإضافة إلى رواية “رسائل من امرأة مختفية” لمحمد برادة.
يُعد هذا الكتاب إضافة علمية قيمة في حقل الدراسات الأدبية، يفتح آفاقًا جديدة لفهم التطور السردي في الثقافة العربية، ويضع أسسًا للنقد والتحليل في هذا المجال الحيوي.