حاورته دنيا الحبشي.
حوارنا سيكون مع عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق، السيد عبد اللطيف كومات، حول موضوع يكتسي أهمية بالغة في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي يعرفها المغرب عامة في جميع القطاعات، وخاصة قطاع التعليم من خلال مؤسساته التعليمية والجامعية. وفي خضم تنزيل النموذج التنموي الجديد في المؤسسات الجامعية التقينا بعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق، وكان الحوار كالتالي:
- كيف ستقوم كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- عين الشق بالتنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد في مجال التعليم العالي؟
النموذج التنموي الجديد يرتكز على مسألتين مهمتين للجامعة بصفة عامة، المسألة الأولى تتمثل في التكوين والثانية تتمثل في البحث العلمي. فبالنسبة للتكوين من الضروري أن نعمل على رفع مستوى كفاءات الشباب المغربي؛ لأن النموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي هو في طور البناء يرتكز على الفعالية والابتكارية. والمنتظر من ذلك أن يعرف الاقتصاد المغربي ارتفاعا في القيمة المضافة في جميع القطاعات الاقتصادية، وأن يعرف دينامية من حيث خلق مشاريع جديدة. وهذه المسائل لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان لدينا شباب ذو كفاءة عالية؛ من ناحية المضمون أي طبيعة التكوينات التي يتم تلقينها، وأيضا من ناحية المهارات الشخصية الذاتية والتواصلية التي تمكنهم من أن تكون لديهم المبادرة وأن ينخرطوا بفعالية في النسيج الاقتصادي والمجتمعي. هذا من ناحية التكوين، أما من ناحية البحث العلمي، فكما لاحظتم أن التسمية الجديدة لوزارة التعليم العالي أصبحت ’’وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار،‘‘ مما يعني أن هناك رافدين اثنين لديهم علاقة بالبحث العلمي. أولا: البحث العلمي في حد ذاته. ثانيا: الابتكار. إن المقصود من هذه المشاركة هو تطوير الاقتصاد؛ بحيث يكون له أثر إيجابي على الدينامية المجتمعية بصفة عامة، وتكون له روابط وطيدة ما بين البحث العلمي التطبيقي والنسيج الاقتصادي. ومن المنتظر أن تكون لدى الشباب قابلية للتجديد والابتكار؛ لأن المغرب يحتاج أن يخلق مقاولات جديدة تُتيح فرص شغل أكثر لحاملي الشواهد من الشباب ذو الكفاءات. فالدولة الآن تشجع المقاولات من خلال مبادرة انطلاقة، ومبادرة فرصة، وفتح منصات لإدماج الشباب في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كل هذا من أجل تشجيع الشباب لأخذ المبادرة والابتكار وخلق المشاريع. لكن هذا الأمر لن يتأتى دون تكوينهم. وفي هذا الإطار نعمل كمؤسسة جامعية على وضع تكوينات تشاركية مع فاعلين اقتصاديين ومهنيين لتعزيز تكوين الطلبة الباحثين في سلك الماستر؛ حيث إن لدينا 5 أو 6 تكوينات في هذا الإطار مع أبناك فيدرالية التأمين وإعادة التأمين، ومؤسسة محمد الخامس، ووزارة السياحة والاقتصاد التضامني والاجتماعي، الذين يساهمون معنا في بلورة بعض البرامج التكوينية من أجل إعطاء طابع تطبيقي للطلبة الباحثين. إذ من الأهداف التي نعمل على تحقيقها؛ برمجة تكوينات تشاركية أكثر مع المهنيين والفاعلين الاقتصاديين في عملية التكوين، حتى يكون للطلبة احتكاك مع أرض الواقع التطبيقي.
أما من الناحية الثانية التي تتمثل في الابتكار وخلق المشاريع، فالكلية خلقت حاضنتين للمشاريع التي تهم الطلبة حاملي المشاريع، حيث خلقنا حاضنة بشراكة مع وزارة السياحة والاقتصاد التضامني والاجتماعي التي تحمل الآن مجموعة من المشاريع وهي مختصة في الاقتصاد التضامني والاجتماعي. كما لدينا أيضا حاضنة مع مؤسسة بنكية؛ حيث أنشأنا 12 مشروعا في شكل مقاولات بصدد الخروج إلى سوق العمل. هذا كله بتأطير مزدوج بين أساتذة الكلية ومهني القطاع البنكي بهدف ملائمة التكوينات مع الأهداف المسطرة في النموذج التنموي الجديد التي هي أولا التكوين، وثانيا التشجيع على البحث العلمي والابتكار وخلق المشاريع. فالجامعة تسعى إلى الرقي بمستوى الطالب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، لتمكنه من الانخراط بصفة إيجابية في المجتمع. إذ إن الهدف السامي للجامعة هو تكوين الشباب تكوينا سليما وجيدا يؤهلهم لاكتساب المهارات والكفاءات قصد الانخراط الإيجابي في سوق الشغل. وذلك بالتواصل والتنسيق مع الفاعلين المهنيين والاقتصاديين.
ونحن الآن بصدد الإعداد للمناظرة الجهوية بجامعة الحسن الثاني، التي سيشرف عليها وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، إذ ستُنَظَم هذه المناظرة في جميع جهات الوطن، لتكون بعد ذلك مناظرة وطنية الهدف منها هو الاقتراب من جميع الفاعلين في الجهة (الكونفدرالية المغربية للمقاولات، المركز الجهوي للاستثمار، الغرف التجارية الصناعية، الجهة، مجلس المدينة)، وفي هذا الإطار عملنا على برمجة لقاءات تشاورية وتحاورية استعدادا لهذه المناظرة، بهدف الأخذ بعين الاعتبار التكوينات والرؤية المستقبلية للفاعلين الترابيين وحاجياتهم (مجلس الجهة، المجموعة الحضرية للمدينة، أي جميع المكونات الترابية والمجالية)، والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين(الجمعيات والمجتمع المدني)، والهدف من هذه المناظرة هو خلق تقارب ما بين الجامعة والمحيط المجتمعي.
- بالنسبة للصورة النمطية عند مختلف شرائح المجتمع حول الجامعة والكلية والطالب، كيف تشتغلون عليها في إطار التنمية الاجتماعية والثقافية؟ وما هي الخطط التي تعتمدونها من أجل تجاوز أزمة جودة التعليم وأزمة مكانة الكلية في المجتمع؟
هذا الأمر من الأهداف المطروحة نظرا لأن هناك فعلا صورة نمطية سلبية حول الطالب والكلية، والعكس صحيح للأسف؛ لأن الجامعة تقوم بتكوين ٪90 من الخريجين. وهؤلاء الخريجين هم من أهم المسؤولين على مستوى القطاع العام للإدارات العمومية والقطاع الخاص. فهم تخرجوا من رحم هذه الجامعة. غير أن الذي يستعصي مثلا على كلية الحقوق بصفة عامة هو صعوبة تأطير الطلبة بطريقة فعالة ليصل كل واحد منهم لأهدافه المرجوة، نظرا لأن هناك عشرات الآلاف من الطلبة. ولكن، في نفس الوقت، يجب العمل على تحسين الصورة بإبراز ما تقوم به الجامعة، من خلال بيان أن الجامعة لها دور كبير في جميع الميادين؛ من حيث التكوين، والبحث العلمي، وكذا من حيث علاقة الجامعة مع المحيط. وهناك إنجازات كبرى في هذا الشأن؛ فحتى نسبة الولوج إلى سوق الشغل عرفت ارتفاعا ملحوظا. فلهذا يجب أولا تحسين العمل ومحاولة تغيير هذه الصورة النمطية من خلال ربط التواصل مع محيط الجامعة. رغم أن الجامعة فيها مدارس ذات استقطاب محدود ومفتوح، وللإشارة فهذه الكلية بالخصوص تعرف ثقلا كبيرا لأنها تحتضن عددا كبيرا من الطلبة، فكليات الحقوق في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء تستوعب ما يناهز 60٪ من إجمالي عدد الطلبة بالجامعة، إذن فهذا الثقل على كلية الحقوق يزكي المسؤولية الكبيرة التي تحملها على عاتقها.
- كما هو معلوم أن الطالب هو محور من محاور النموذج التنموي. وفي إطار خلق كلية تستجيب لتطلعات الطلبة؛ ماهي النشاطات الثقافية والفنية والرياضية التي تخطط الكلية لبرمجتها بهدف معالجة أزمة الثقة وتدعيم علاقة الطالب مع الكلية؟ وتطوير الكفاءات والعمل على التكوين الجيد من الجانب الثقافي؟
الجانب الثقافي هو جزء لا يتجزأ من تكوين الطالب لإكتساب الكفاءات المعرفية وأيضا الثقافية، والانخراط الإيجابي في الحركية المجتمعية والاقتصادية، فالجانب الثقافي والرياضي مهم جدا بالنسبة للكلية، لذلك من الناحية الرياضية قمنا بتأهيل مرافق رياضية جديدة، وقمنا بتدشينها، فأصبحت الكلية تمتلك أربعة ملاعب مجهزة بشراكة مع القطاع الخاص. وإن شاء الله تعالى، ستكون دينامية جديدة بالنسبة للمجال الرياضي. أما بالنسبة للطالب، فالمطلوب منه هو الانخراط في النوادي. وفي خضم الاحتفال بعيد المرأة المنصرم قمنا بتنظيم يوم تكريمي للمرأة العاملة، وبدورنا نشجع الطلبة كافة على الانخراط في مثل هذه النشاطات المهمة لفائدة كليتهم.
- جائحة كورونا تعتبر ظرفا خاصا، إذ أبانت الحاجة الملحة للرقمنة من أجل استغلالها في التعليم عن بعد، فما هو البرنامج الذي ستعتمده الكلية في إطار ثورة الرقمنة لتحسين جودة التعليم مستقبلا؟
الجامعة في طور الانكباب على الاستفادة من الظروف التي مررنا منها في فترة الكوفيد، إذ تم الانتقال من الدروس الحضورية إلى الدروس عن بعد. والذي نشتغل عليه الآن هو كيفية المزاوجة بين الدراسة عن بعد والدراسة الحضورية؛ فالجامعة تشتغل على هذا البرنامج، لكي لا يتم ضياع التكوين الذي اكتسبه الأساتذة خلال هذه الفترة، والآن مع نظام الباشلور قمنا بوضع منصات للطلبة لاكتساب اللغات (الفرنسية والانجليزية)، وأيضا المهارات والكفايات الذاتية. فقط يجب تحسيس الطلبة بأن لهم منصات يمكن لهم الإعتماد عليها في هذا الخصوص، لكن عموما الرقمنة لا من حيث التسيير ولا من حيث التكوين تبقى من الأولويات المستقبلية للجامعة بصفة عامة.
- من وجهة نظركم كيف يمكن تطوير ودعم الدراسة الجامعية داخل المؤسسات السجنية؟ وكيف تساهم الكلية في هذا الشأن؟
بالنسبة للسجون نعمل على ربط التواصل مع الطلبة الذين هم في حالة اعتقال، بحيث لدينا مسؤول في الإدارة يتكلف بالعلاقات مع الطلبة داخل السجون، ويمدهم بالدروس في جميع المواد وفي مختلف التخصصات. وكذلك نشرف على الامتحانات، ولقد شهدنا نسبة نجاح مهمة، ونعمل كذلك على برمجة محاضرات وندوات، بشكل غير دائم، ولكن فقط في إطار العلاقة مع إدارة السجون وبعض الجمعيات، في إطار المشاركة في انفتاح المؤسسات السجنية؛ حيث يحق للسجين التعلم بطريقة رسمية كغيره، كما للكلية عدد كبير من الطلبة المسجلين، حيث يتم تقييم دورات امتحانهم كغيرهم من الطلبة على مستوى الكلية بشكل دائم ورسمي وكطلبة قارين.