حفيظة لبياض:”البحث عن الكنز وهم أم حقيقة؟ صدفة أم خطة؟”

حفيظة لبياض
إستغرب الجميع لواقعة “حدث كنز سرغينة”، وكانت الصدمة الكبرى تصديق ثلة من الجماهير لفكرة الشاب الذي أقنعهم بموقع الكنز، وهم ينتظرون لساعات وفي الأخير يكتشفوا أن القصة مجرد كاميرا خفية والكنز هو شعار “الله الوطن الملك”.
تصديق الخرافات والأساطير لا زال يسيطر على مغرب القرن الواحد والعشرين، نظرا للسعي وراء البحث عن الثروة المالية لتحقيق التوازن الإجتماعي دون النظر إلى الطرق والوسائل هل مشروعة أم ممنوعة؟ وهل عقلانية أم مجرد خيال؟ لكن تخيب آمالهم ويظل الحلم بالثورة مجرد شعارات.
إن واقعة الكنزيين ليست وليدة اللحظة، بل عرفها المغرب منذ العصر الوسيط، وهي مواقف تقع لتفصل بين الأحداث وتخفف من الأزمات لتجاوز الظروف الصعبة والمشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها المغاربة خاصة والعرب عامة، فهم مستعدون لتصديق الخرافات والأساطير، على أمل وجود الرزق وتحسين أوضاعهم، في ظل اكتساح الفقر والجهل والبطالة، ثم غياب الوعي، من أجل التوازن الإجتماعي.
فظاهرة البحث عن الكنوز، متجذرة في التاريخ، وتعتبر الثقافة المغربية مليئة بالأساطير والخرافات، والحكايات الملحمية، فأصبحت هذه الظاهرة جزء من التراث في بلاد المغرب العربي.
لقد وصف ابن خلدون في كتابه المقدمة، الذين يحفرون عن الكنز ب ضعفاؤ العقل وعاجزين عن طلب المعاش بوسائل طبيعية، وفي نفس الإتجاه ذهب حسن الوزان في كتابه وصف افريقيا،حيث ذكر بأن مهنة البحث عن الكنز شاعت في عهد حكم الوطاسيين عقب الحكم المريني وما خلفه من نتائج وأوضاع متدهورة بسبب الصراع على السلطة، حيث اعتقد المنقبون عن الكنوز أن الرومان تركوو ثرواتهم بالبلاد.
إن ظاهرة التنقيب عن الكنز تناولتها عدة أبحاث منذ عصور، وهي واقعة لها أسبابها وعواملها، لكن الضجة التي خلقها حدث الأمس حول الكنز، يتداخل فيه ما هو اجتماعي واقتصادي ثم سياسي وكذلك ثقافي، في واقع يتميز بالركود والفوارق وسوء التسيير وتبقى الحلول أمام عامة الناس هي الأحلام والأوهام.