كُتّاب وآراءمجتمع

صناعة وتسويق التفاهات…طمس للهوية وزعزعة للقيم

 

حفيظة لبياض

يتم تداول فيديوهات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تحصد ملايين المشاهدات في وقت جد وجيز، حيث يسهر أبطالها على ترويج التفاهات ونشر الميوعة بمختلف الأوساط الإجتماعية، مقابل ربح المال فمن يعطي لهؤلاء التافهين صفة الشهرة بدون أدنى مجهود؟

ويتسائل معظم الناس عن إعطاء محتويات رذيئة حجما كبيرا من الإهتمام والمتابعة رغم أنها لا تتناول سوى الحياة الشخصية لأصحابها(العشق، الزواج، الطلاق…) كقصة ندى ونزار التي أثارت قلقا وجدلا واسعا في صفوف المغاربة، وفي ذات الوقت يتابعهما مئات الآلاف دون فائدة ولا استفادة وفي غياب تام لأي جهة مسؤولة لوضع حد للضجيج والفوضى التي أحدثتها.

هذا وتساهم محتويات صناع التفاهة في الإساءة للمجتمع المغربي بشكل غير مباشر، من خلال نشر ثقافات لا تتوافق وثقافتا وتؤثر على تربية الأجيال الواعدة، حيث تتصمن إيحاءات جنسية ولغة غير لائقة وأساليب غير تربوية…خاصة وان الإنترنيت يستعمله جميع الفئات، كما أن المتمدرسين يصادفون فيديوهات لا تتلائم وسنهم أثناء ممارستهم عملية التعلم عن بعد التي فرضتها الوضعية الإستثنائية التي تعيشها بلادنا بسبب فيروس كورونا المستجد.

ويزيد الطين بلة ماء إسهام الإعلام في التسويق والترويج للتفاهات وجعل التافهين مشاهير من خلال إجراء مقابلات ولقاءات صحفية مع هؤلاء ذوي قنوات يوتيوب الذين يربحون المال وراء استغباء الشعب، على حد تعبير المسماة ندى التي اعترفت بذلك من خلال تصريح لها مما جعلها أمام المسائلة القاتونية.

وتعج مواقع التواصل الإجتماعي بالإنتقاذات والتعبير عن رفض السلوكات غير اللائقة لبعض اليوتوبرز، وفي ذات الوقت يفتخر ناشرو التفاهات بتربعهم على عرش ما يتابعه جمهور الويب، فكيف يمكن تفسير الظاهرة؟

ويفسر المختصون والمهتمون بمجال الرقمنة، إن ظاهرة نشر التفاهة بشكل واسع عبر منصات التواصل الإجتماعي ترتبط بشكل أساسي بعدم الاهتمام بقطاع التعليم وعدم قيام المؤسسات المعنية بالأدواره المنوطة بها من خلال التأطير، التوجيه والتوعية والتحسيس بخطورة الأمر.

وإذ كان البعض يحمل مسؤولية ترويج المحتويات التافهة كذلك للمتابعين فهذا أكبر خطأ من وجهة نظرنا، لأن معظم الجمهور الذي يستمتع بمشاهدة فيديوهات منعدمة الجودة والقيمة الأخلاقية هم قاصرين أو ليس لديهم وعي وخاصة الأشخاص الذين لا يبدلون أي مجهود في حياتهم اليومية سوى الأكل والنوم والاهتمام بالمواضيع التافهة والفضائح، طبعا في ظل غياب الوعي والاهتمام بالعقل والفكر.

ناهيك عن توفر الهواتف الذكية التي تسهل عملية التصوير وترشيح أصحابها ليصبحوا مشاهير من خلال الضحك والسخرية وذلك برعاية الإعلام غير المسؤول أو ما يطلق عليه “إعلام البوز”حيث يعد الأمر غير بريء وله خلفيات، نظرا لرغبة بعض الجهات في زعزعة القيم، حيث يتم صرف أموال طائلة على برامج فكاهية تلفزية تدخل بيوت المغاربة دون رقابة عن محتويات -الميوعة-، في المقابل يوتوب وما يماثله لا يكلف مصاريف مالية.

وللحد من هذه الظاهرة ذات الانعكاسات السلبية ينبغي تدخل كل من الدولة وكذلك فعاليات المجتمع المدني والإعلام الحقيقي الوطني من أجل بناء مجتمع سليم وإيجابي بعيدا عن التفاهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى