كُتّاب وآراءمجتمع

المحاضر في الميدان العقاري (دراسة قانونية وقضائية)

الباحث : رفيق الحرمال

يلعب العقار، دورا مهما في تحريك العجلة الإقتصادية باعتباره الأرضية الأساسية التي تنطلق منها مختلف المجالات الإقتصادية والسياحية والعمرانية، وذلك من خلال توفير الأوعية العقارية الضرورية لإحداث وإقامة المشروعات والبنيات التحتية المهيكلة للمجال .

والنظام العقاري في المغرب هو نظام مزدوج ؛إذ يوجد نظام خاص بالعقارات غير المحفظة والعقارات المحفظة هذه الأخيرة التي أخضعت لمسطرة التحفيظ العقاري التي جعلتها تخرج من زمرة العقارت غير المحفظة .

وإلى جانب الإزدواجية أعلاه هناك تنوعا في طبيعة الأملاك وهذه الأخيرة تقسم إلى أملاك عقارية تقليدية وأملاك عقارية حديثة،أما الأملاك العقارية التقليدية فنجد مثلا الأملاك الخاصة و العامة للدولة؛ أراضي الأوقاف ، وأما الأملاك العقارية الحديثة نجد الملكية المشتركة للعقارات المبنية؛ التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وهكذا دواليك .

هذا وهناك مجموعة من الإجراءات و العمليات التي تجرى في  إطار مسطرة التحفيظ العادية أثناء الشروع في تحفيظ العقار أو في إطار نصوص عقارية خاصة، فإنه ولكي تكون صحيحة من حيث الشكل ولترتب آثارها القانونية من حيث الموضوع، لابد من إفراغها  في محضر يحرر ويوقع بشكل دقيق وفق القانون .

فالمحضر هو عبارة عن وثيقة صادرة عن جهة إدارية موكول لها تقديم خدمة عامة، تتضمن مجموعة من البيانات والمعلومات التي يتوقف عليها صحة إجراء معين؛ ويرتب بالتالي آثاره  ويتم بموجبه إثبات حادث أو معاينة واقعة أو التصريح بالشروع في إنجاز أعمال أو الإنتهاء منها.

هذا ويمكن تقسيم المحاضر المنجزة في الميدان العقاري إلى قسمين :

القسم الأول : يتعلق بالتصريح بالشروع في إنجاز أعمال أو الإنتهاء منها، ومن هذه المحاضر نجد :

– محضر التحديد في إطار مسطرة التحفيظ العادية؛

– محضر معاينة الأمكنة من طرف القاضي المكلف بالقضية؛

– محضر تسلم أشغال التجزئة العقارية؛

– محضر إلحاق طرق التجزئة العقارية ومجاري الصرف الصحي والكهرباء والمساحات الخضراء بالملك العام الجماعي .

القسم الثاني : يهم تثبيت وتمهيد لنقل الملكية ، ونجد من بينها :

– محضر المصالحة في مجال التعرضات على مطلب التحفيظ؛

– محضر اللجنة الإدارية لتقييم العقارات في إطار مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ؛

– محضر الإتفاق بالمراضاة ؛

– محاضر مأمور إجراءات التنفيذ { محضر الحجز العقاري و محضر إرساء المزايدة}.

أهمية الموضوع :

عودا عند بدء ، فموضوعنا الموسوم بعنوان : ٍ المحاضر في الميدان العقاري

(دراسة قانونية وقضائية)، له أهمية ثلاثية : أهمية نظرية ,وأهمية علمية ، وأهمية عملية .

1} أهمية نظرية  :

أما أهميتها النظرية فكامنة في كونها تطرح ،للنقاش، مفهوم المحاضر وأنواعها وكيفية لم شتاتها؛ سيما وأنها تعرف نوع من الشتت في نصوص عقارية مختلفة، مما يدفعنا للوقوف أمام القواعد المؤطرة لها ومحاولة الجمع بينها .

 

أهمية  علمية :

تدفع إلى البحث والتمحيص في مجموعة من القوانين، كقانون التحفيظ العقاري رقم 14.07و قانون الإلتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية وقانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والإحتلال المؤقت وقانون التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات؛ وفي بعض القوانين المهنية الخاصة من قبيل مثلا؛ القانون رقم 93.90 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية و القانون 81.03 المتعلق بمهنة المفوضين القضائيين .

أهمية عملية :

نظرا لما تطرح المحاضر من إشكالات فيما يخص قوتها الإلزامية وحجيتها الثبوتية من جهة،وآثارها من جهة ثانية . 

دواعي ومبررات إختيار الموضوع :

أما دواعي ومبررات اختيارنا لهذا الموضوع، فبعضها يتعلق بتخصصي في سلك الماستر – العقار  و التعمير  – ؛ والذي يجمع ما بين القانون الخاص والقانون  العام من جهة وأنه بالكاد يجمع جميع المواد التي درسناها في هذا التخصص؛ الذي يعتبر بحق بحر لا ساحل له. وبعضها الآخر يرجع إلى كوننا لا نقبل بالمواضيع الجاهزة والتي أكل الدهر عليها وشرب .

ومن المبررات كذلك ، رغبتنا في جمع ولم شتات هذه المحاضر ووضعها في إطار منهجي دقيق   يسهل على كل باحث التوصل إليه ومعرفته بدون عناء ولا مشقة .

 صعوبات الموضوع :

تنقسم هذه الصعوبات؛ إلى صعوبات وثائقية وصعوبات تقنية

1} صعوبات وثائقية :

فالساحة القانونية في المغرب تعرف إنعدام وندرة المراجع المتخصصة في هذا الموضوع بإستثناء بعض المقالات والمجلات التي تعاملت مع الموضوع بطريقة غير مباشرة وبتعامل أكاديمي ليس إلا .

2} صعوبات تقنية :

فعدم وجود أعمال مراجعية تتناول بالدراسة والتحليل موضوع ” المحاضر في الميدان العقاري ” ، وإحجام القضاء لاتخاذ المبادرة للإجتهاد فيه ، شكل في شأن دراستنا للموضوع، صعوبة تحتم علينا التنقيب في بعض المراجع العامة  وبعض مواقف القضاء القليلة ،وتتطلب مني الأمر كثيرا من الجهد والوقت في سبيل دراسة الموضوع الذي يثير، لجدته وصعوبته، كثيرا من الإشكالات القانونية المستعصية .

إشكالات الموضوع :

وتكمن الإشكالات التي يثيرها موضوع المحاضر في الميدان العقاري  في إشكال – نواة – ، تدور حوله العديد من المسائل الفرعية الأخرى .

1} الإشكال النواة :

إن الإشكالية الرئيسية لهذا الموضوع تتمثل بالأساس في طبيعة وأنواع  المحاضر المنجزة في الميدان العقاري؟ وكيف نظمها القانون ؟

2} إشكالات فرعية :

وتتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية أعلاه ، مجموعة من التساؤلات الفرعية منها :

– ما هي أنواع المحاضر المنجزة في إطار ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بمقتضى القانون 14.07 ؟ وما قيمتها القانونية وحجيتها ؟

– كيف نظم المشرع المحاضر في بعض النصوص العقارية الخاصة ؟ وما هي الآثار المترتبة عنها ؟

– ماهي أهم الإشكالات التي تطرحها المحاضر المنضوية تحت لواء قانون المسطرة المدنية والتي تكتسي الصبغة العقارية ؟

إن الإجابة على الإشكالية أعلاه، ستكون من خلال فرضية مفادها أن المشرع المغربي نص على مجموعة من المحاضر في الميدان العقاري إن على مستوى مسطرة التحفيظ العادية أو على مستوى نصوص عقارية خاصة .

من خلال ما سبق وللإحاطة بجميع جوانب الموضوع فقد استقام جهدي على فصلين، أودعت فيهم عصارة هذا البحث المتواضع، وذلك على الشكل التالي :

الفصل الأول: المحاضر المنجزة في إطار مسطرة التحفيظ العادية

الفصل الأول: المحاضر المنجزة في إطار نصوص عقارية خاصة

فقد إرتأينا في ختام موضوعنا ، أن نقترح  مجموعة من الإقتراحات؛ ولعل أبرزها :

أولا : تدخل المشرع المغربي، بنص عام لحسم الجدل الدائر حول الحجية الإثباتية لمحضر التحديد ؛

ثانيا : يجب أن تسند للمحافظ العقاري بنص قانوني، مهمة توقيع محضر التحديد في حالة تعذر ذلك على المهندس المساح الطبوغرافي ؛

ثالثا :  إعادة النظر في صياغة الفصل 31 من القانون العقاري وجعل محضر المصالحة بمثابة وثيقة لأنه صادر من جهة رسمية وتقدم خدمة خامة ؛

رابعا : يتعين على المشرع جعل إجراء المعاينة والإنتقال إلى عين المكان أمر إختياري موكول لتقدير المحكمة لا تأمر به إلا إذا كان ضروريا لحسم النزاع ؛

خامسا : إضفاء الصبغة الرسمية على المحضر الذي يحرره القاضي المقرر أثناء إنتقاله إلى عين المكان، لأنه موظف عام  يدخل ضمن زمرة الفصل 418 من قانون الإلتزامات والعقود ؛

سادسا : وجب الحسم من طرف المشرع بخصوص طبيعة محضر اللجنة الإدارية لتقييم العاراقات، وكذا القيمة القانونية لمحضر الإتفاق بالمراضاة ؛

سابعا : إضافة نص خاص يحدد الطبيعة القانونية لمحضر إرساء المزايدة ، وذلك لوضع حد للخلاف القضائي والفقهي بشأنه ؛

ثامنا :  القطع مع بضع التجاوزات المتعلقة بتسلم الأشغال في إطار التجزئات العقارية من قبيل مثلا التنصيص بشكل صريح من المشرع على ترتيب البطلان  بخصوص إجراء التسلم المؤقت للأشغال في حالة ما إذا تم إحلال الشهادة المسلمة من طرف رئيس مجلس الجماعة كوثيقة إدارية محل محضر التسلم المؤقت |؛

تاسعا : تحقيق الإنسجام بين نصوص القانون العقاري وقانون المسطرة المدنية؛ سيما فيما يتعلق بتقييد محضر المزايدة بالرسم العقاري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى