التعليم زمن “الحماية” .. تكريس للاستغلال الاستعماري
ابتسام بهيج
عرف المغرب خلال مرحلة الحماية (1912-1956) تحولات شملت ميادين مختلفة بما فيها التعليم، حيث عملت ادارة الحماية على ادخال اصلاح استهدف المنظومة التعليمية للمغرب عبر إدخال تعليم عصري والحفاظ على التعليم العتيق، حيث نجد:
1 الكتاتيب والمدارس الحرة
كان أبناء المغاربة يدرسون بالمسيد والمدرسة العصرية مما يخلق اضطرابا نفسيا وذهنيا للتلميذ بسبب الارهاق الشديد، لدرجة يصبح غير قادر على الاستمرارية والانضباط والتوفيق بين النموذجين معا.
وقد كان المغاربة يمتنعون عن أخذ أبنائهم إلى مدارس إدارة الحماية، كما كانوا يشتكون من الأساليب التقليدية للمسيد فهم يرغبون في تعليم حديث وجيد لكنه مشبع بالروح الدينية. ونتيجة لذلك تم تأسيس المدارس القرآنية الجديدة ابتداء من سنة 1924 بمراكش. حيث أصبحت الكتاتيب تضطلع بالنشاط السياسي نتيجة عدم خضوعها لمراقبة إدارة الحماية لكون اهتمامها الأول هو القرآن الكريم، وأصبحت مكانا لتجمع رجال الحركة الوطنية ومركزا للدعاية.
2- التعليم الاسلامي
خصصت المدارس الاسلامية لأبناء الأعيان ومنها: المدارس الاسلامية الحضري، المدارس الاسلامية المهنية، المدارس الاسلامية القروية، المدارس الاسلامية للبنات. وقد تجلت مهمة التعليم الاسلامي في تلقين التلاميذ تعليما وتربية تحترم المعتقدات، وتتماشى مع التقاليد والعادات، وقد سيطر على التنظيم المدرسي اهتمامان مزدوجان:
- تمثل الأول: في وضع قواعد صلبة وواسعة لانتقاء النخبة التي ستساهم في التنظيم الداخلي من خلال منحها بعض المناصب الادارية، أما الثاني، يهدف إلى تثبيت التلاميذ بالأوساط التي يعيشون فيها وتوجيههم نحو التعليم المهني، وإلى حدود الحرب العالمية الثانية ظل هدف المدرسة الأوربية المحافظة على هدفها المتمثل في خلق نخبة من المثقفين والمتعلمين لفائدة الاستعمار. وبخصوص التعليم الأوربي حسب عبد الرزاق الكريط في كتابه مؤسسة الحماية الفرنسية بالمغرب مخاض الأفول ( 1935-1945)، فقد اهتم بأبناء الجاليات الأوربية، وينقسم إلى مستويين ابتدائي وثانوي.
لم تكن الأعمال الاجتماعية التي سطرتها إدارة الحماية تسعى إلى العناية بالمغاربة، بل تعمل على كسب مزيد من الاستغلال، فالبرامج التعليمية لم يكن لها مخطط استراتيجي يسعى لإدماج التلميذ في محيطه العلمي، أو يخلق أرضية صلبة لهذه التجربة، وإنما جاءت لربط التلميذ واجباره على التعود على المناهج الفرنسية واستهلاك مقرراتها الدراسية وفق منظومة مستندة على التمييز بإقرار أنواع مختلفة من التعليم، كالتعليم الفلاحي والمهني الذي طبق خصيصا لإجبار التلميذ على التعلق بالأرض وخلق قوة عمل يدوية تساهم في الرفع من المنتوج.