التساقطات المطرية بجهة الشرق: انتعاش الموارد المائية وآفاق واعدة للقطاع الفلاحي

عرفت اقاليم جهة الشرق، كما هو الحال في عدة مناطق أخرى بالمملكة، تساقطات مطرية هامة خلال نهاية الأسبوع المنصرم، مما ساهم في تحسن الوضعية المائية وانعكس إيجاباً على النشاط الفلاحي بالمنطقة.
وفي هذا السياق، يؤكد كمال أبركاني، أستاذ العلوم والهندسة الزراعية بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الأمطار كان لها وقع إيجابي على المخزون المائي، حيث ساعدت في رفع حقينة السدود، وإن بشكل محدود، ما سيمكن من إنعاش الفرشة المائية التي تأثرت بفعل توالي فترات الجفاف. كما ساهمت هذه التساقطات في تقليل نسبة ملوحة التربة، التي عرفت ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة بسبب الإجهاد المائي، وهو ما أثر على جودة الإنتاج الفلاحي.
ووفقاً للمعطيات الرسمية، فقد بلغت نسبة ملء السدود الكبرى بالحوض المائي لملوية، إلى غاية 10 مارس الجاري، أزيد من 49 في المائة، ما يعكس التأثير الإيجابي لهذه التساقطات على الموارد المائية بالجهة. وعلى المستوى الفلاحي، كان لهذه الأمطار أثر ملحوظ على تحسين الغطاء النباتي وتعزيز نمو المزروعات الخريفية، خاصة الحبوب، والشمندر السكري، والقطاني، وبعض أصناف الخضر، لا سيما بالمناطق التي تعتمد على الري بالمياه الجوفية والسطحية. كما شكلت هذه التساقطات دفعة قوية للأشجار المثمرة التي توجد حالياً في مرحلة التبرعم والإزهار، بعد أن عانت من آثار الجفاف خلال المواسم الماضية، وتشمل هذه الأشجار الحوامض، واللوز، والزيتون، والعنب، التي تشكل جزءاً مهماً من الإنتاج الفلاحي بالجهة.
إلى جانب ذلك، من شأن هذه التساقطات أن تحفّز الفلاحين على بدء عمليات الغرس الخاصة بالزراعات الربيعية، في أفق تحسن الظروف المناخية واستمرار التساقطات المطرية خلال الأشهر المقبلة. وبهدف مواجهة تحديات الإجهاد المائي، تعمل السلطات المختصة على تنفيذ مشاريع تروم تعزيز تدبير الموارد المائية وتحسين مردودية القطاع الفلاحي، من بينها مشروع تعلية سد محمد الخامس بإقليم الناظور، الذي يهدف إلى رفع طاقته الاستيعابية إلى مليار متر مكعب، بالإضافة إلى مشروع السقي بالتنقيط بسهل كارت، الذي يندرج ضمن استراتيجية ترشيد استهلاك المياه في المجال الزراعي.
كما يُرتقب الشروع في إنجاز محطة لتحلية مياه البحر، ستساهم في تزويد الجهة بـ 300 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، منها 160 مليون متر مكعب مخصصة لسقي 30 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. وفي هذا السياق، يشدد الخبراء على ضرورة الاستثمار في حلول مبتكرة لاستغلال التساقطات المطرية بشكل أكثر فعالية، من خلال اعتماد تقنيات حديثة لتخزين المياه والاستفادة منها، تفادياً لضياع كميات كبيرة منها بفعل الجريان نحو البحر.