اختفاء مليار سنتيم من صندوق المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب يستنفر النيابة العامة

فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتكليف من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، تحقيقاً معمقاً حول اختفاء مبالغ مالية ضخمة تناهز مليار سنتيم من صندوق المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب، في قضية وُصفت بغير المسبوقة داخل أروقة العدالة.
ووفق ما أوردته يومية الصباح، فقد جاء قرار إحالة الملف على ضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية بعد ورود معطيات أولية تشير إلى اختلالات مالية خطيرة، همّت الصندوق المخصص لمداخيل وودائع المحكمة، ما استدعى تدخلاً عاجلاً من النيابة العامة.
وفي خطوة احترازية، أصدرت النيابة العامة تعليمات فورية بإغلاق الحدود في وجه الموظف المسؤول عن الصندوق، بعد أن اختفى عن الأنظار بدعوى المرض، مستنداً إلى شهادات طبية تفيد عجزه عن مزاولة عمله لمدة ثلاثة أشهر. غير أن المعني بالأمر عاد فجأة إلى مقر عمله تزامناً مع وصول لجنة تفتيش من وزارة العدل، وهو ما أثار مزيداً من الشكوك حول طبيعة القضية.
اللجنة الوزارية التي انتقلت على وجه السرعة إلى المحكمة، شرعت في مراجعة السجلات المالية وتتبع مسار التحصيلات، لتكتشف وجود فروقات مالية كبيرة بين المبالغ المسجلة والمبالغ المودعة فعلياً في الحسابات الرسمية.
كما استمعت النيابة العامة، في إطار البحث التمهيدي، إلى عدد من النساء المستفيدات من مبالغ النفقة والحضانة، أكدن فقدانهن لمستحقات مالية لم يتسلمنها رغم صدور أحكام قضائية لصالحهن. وقد تمت إحالة إحدى المشتكيات على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب لاستكمال إجراءات البحث.
وكشفت المعطيات الأولية التي توصلت إليها لجنة التفتيش أن المبالغ المختفية تشمل واجبات النفقة، والكفالات المالية المتعلقة بالسراح المؤقت، والغرامات، والرسوم القضائية، إلى جانب تعويضات خاصة بضحايا حوادث السير والشغل، وهي أموال لم يتم تحويلها إلى الخزينة العامة للمملكة ولم تُسلَّم إلى أصحابها.
وقد وجهت النيابة العامة مراسلة رسمية إلى وزارة العدل لإطلاعها على تفاصيل القضية وخطورة المخالفات المرصودة، مما دفع الوزارة إلى إرسال لجنة تفتيش مركزية لتعميق البحث الإداري بالتوازي مع المسطرة القضائية الجارية.
ومن المنتظر أن تكشف التحقيقات الجارية عن المسؤوليات الفردية والمؤسساتية في هذا الملف الذي أثار اهتماماً واسعاً داخل الأوساط القضائية والإدارية، بالنظر إلى حجم المبالغ المختلسة وطبيعة الصندوق العمومي المعني بها.
ويُنتظر أن تسفر نتائج الأبحاث عن ترتيب الجزاءات القانونية والإدارية اللازمة، في إطار الحرص على حماية المال العام وصون ثقة المتقاضين في المؤسسات القضائية.