سياسة

من يحمي المرضى من إجبارهم على شراء “مثبتات العظام” من عند “بارافاماسيان” بعينه (تازة نموذجا).

الدكتور يوسف  فلاح يرى أن  الفراغ الموجود في القانون 17/04 ،  سبب في انتشار “البارافارماسي” و نشاط التهرب الضريبي يضر باقتصاد الوطن.

 

 

تتواصل  شكايات  المواطنين  الذين يجدون أنفسهم مجبرين على شراء مستلزمات طبية (مثبتات العظام مثلا)  من محل محدد لبيع المواد الشبه الطبية (بارافارماسي)  مع أنها  توجد بمحلات أخرى منافسة بثمن أقل .

الوطنية التي رصدت هذا السلوك المنافي للأخلاق بتازة و مدن مغربية أخرى، وقفت على مواقف أثارت سخط بعض الصيادلة المزاولين للحراسة الليلية بسبب تربص بعد الوسطاء بالمرضى  لبيعهم الأدوية  بالمستشفى  بتواطؤ  مع  بعض العاملين به و  اتصلت  بالدكتور الصيدلاني و خبير الأدوية  يوسف فلاح   للوقوف على هذه الظاهرة  و أجرت معه الحوار الآتي:

حوار: يوسف العزوزي

س:     بماذا تعلقون عن الفوضى في مجال البارافارماسي و تفعيل القانون 17/04 في مراقبة السلسلة الدواءية والشبه دوائية ؟

عرفت العشر سنوات الأخيرة،إنتشارا غير مبرر و مهول للبارافارماسي بالمدن الكبيرة على الخصوص و بمناطق المغرب على العموم.

و بالنسبة للقانون 17/04 صحيح أنه جاء ليؤطر ممارسة  مهنة الصيدلة  و ليحدد المسار أو المسلك القانوني للدواء،وأعطى دور للصيدلي و أشاد بدوره و أطره و لكن محلات البارافارماسي التي  تم  احداثها أو استحداثها ،استغلوا غياب في مجموعة القوانين المؤطرة  للمواد  التي تباع و غالبا تكون مواد تجميل ومواد لها علاقة بالشعر، و العناية بفروة الجلد  ، مواد لها علاقة بالبشرة و الوجه.

الاشكالية هي تطاول هذه المحلات على مهنة منظمة وهي الصيدلة ، عبر خلط ومزج مواد سواء طبيعية  أو مواد تجميلية و قراءة الوصفة الطبية  ،و تحضير محاليل مكتوبة في وصفة طبية ،تباع كمواد تجميل و هذا عمل منافي لعملهم .

إذا ترجم لفظ   parapharmacie  للعربية فمعناها المحلات شبه الصيدلية،ولكن الإشكال العميق الآخر أن المواد التي تباع بهذه الأماكن، فيها مجموعة مما يشبه الأدوية  أو بجرعات أقل،وبمجرد زيادة الجرعة ندخل في مجال الدواء ،وتصبح أدوية،ونجد أيضا  مجموعة من المواد بجرعات أقل مما هو متعارف عليه الدواء، جمعت في مكون واحد، وبالتالي هذا المكون أصبح دواء يصرف لزوما و حصرا على مستوى الصيدليات.

هذا بخصوص الفراغ الموجود في القانون 17/04 ،الذي كان سببا في ازدهار هذه التجارة و انتشارها.

 

و ماذا عن  القوانين المنظمة للبارافارماسي ومن يراقبها ومن يرخص لها؟

هذه المحلات تشبه محلات البقالة و العطار و محلات الخضار،يتم الترخيص لها على مستوى العمالة فقط ،تأخذ فقط رخصة من أجل إنشاء محل تجاري،و patente و registre de commerce سجل تجاري.

هذه المحلات ليست بحاجة لترخيص من الأمانة العامة للحكومة و ووزارة الصحة ووزارة الداخلية مجتمعين،كما هو شأن الصيدلية ،كما أنه لا تتم مراقبتهم ،وإذا تمت مراقبتهم تراقبهم مصالح السلامة الصحية للمواد الغذائية أو السلامة الصحية التابعة للعمالات ،أي أن مراقبتهم مثلها مثل مراقبة أي نشاط تجاري أو محل بيع أغذية.

 

من يحمي المريض عندما يجبره الطبيب الجراح على اقتناء المعدات الطبية للعمليات من محل بعينه دون سواه ؟

  • ممارسة الطب أو الصيدلة ،أو مهنة منظمة،تفرض أن المريض حر في إختيار الصيدليات و المحلات التي سيقتني منها المواد التي يحتاج سواء كانت بوصفة طبية أو لأغراض شخصية،أما بالنسبة للمعدات الطبية التي تستعمل في العمليات،فالقانون 84/12 هو قانون منظم لعملية  بيع و صرف  المستلزمات الطبية ،يقول أن كل ما يتم غرسه في جسم الإنسان و كل ما هو معقم،يتم صرفه للمريض حصرا على مستوى الصيدليات .

لكن عندما نتأمل حقيقة المحلات التي تحيط بالمركز الإستشفائي بالدار البيضاء،أو موريزكو،أو مجموعة من المستشفيات بالمدينة،نجدها تصرف هذه المعدات و المستلزمات الطبية ضدا في القانون،في حين القانون يقول أن الصرف للمريض يتم على مستوى الصيدليات فقط.

و بخصوص إجبار الطبيب المريض على إقناء المعدات من محل دون سواه فهذا عمل منافي لأخلاقيات المهمة و يمس بالمنافسة الشريفة،و فضلا عن توجيه المريض لمحل دون غيره،الطبيب يعلم بالقوانين المؤطرة للممارسة و و بتصرف كهذا هو  يخرج عن مسارها .

 في غياب مراقبة سلسلة المواد الشبه الطبية والشبه صيدلانية والمواد المعقمة من يحمي المواطنين إن كانت غير صالحة . وفيها أذى للمواطن . وكيف ذلك ؟

  • سلامة المريض توضع على عاتق وزارة الصحة،لأنها الوزارة الوصية على القطاع ،و على عاتق مفتشية الصيدلة ،و مندوبيات الصحة الموجودة في عمالات و أقاليم المملكة، و أيضا مكتب السلامة الصحية للمنتجات الغذائية،ثم العمالات لأنها من ترخص لمحلات البارافارمسي.

وفي حالة الضرر من هذه المواد ترفع شياكة للعمالة،التي تشرع في إجراء مراقبة روتينة للمحل ،مراقبة تواريخ المواد،طرق الحفظ.

ويمكن أن نقول أن المسؤولية تقع على عاتق المريض أيضا في التوجه للصيدلية ،لأن الرخصة  كما جرت العادة في المغرب تعني المسؤولية أي  المحاسبة .

 ما موقف ودور منظمات حقوق الانسان وجمعيات حماية المستهلك في هذا المجال ؟

  • الدور هنا هو دور جمعيات حماية المستهلك ،و هناك جمعيات كثير نشطة بالمغرب في هذا المجال،تدافع عن المستهلك سواءا كان الضرر من الصيدلي أو الطبيب أو محلات بارافارماسي.

هذه الجمعيات منظمة،لديها مستشارون قانونيون،محامون ،تساعد المتضرر على رفع دعوة و الوقوف أمام المحكمة،و المطالبة بإغلاق المحل إذا لم يكن يحترم السلامة الصحية.

 

 ما سبب سكوت إدارة الضرائب عن هذه المحلات خاصة وأن جزءا كبيرا منها مصدره مجهولا ؟

  • هذا السؤال متشعب نوعا ما،خصوصا أن المواد تكون مهربة أو مزورة و مقلدة تضرب بالإقتصاد الوطني،لكن يتم توزيعها في السوق المغربي عن طريق ما أسميته في إحدى خرجاتي “بمافيا” التهريب.

و هذا التهريب لا يمس فقط المواد شبه صيدلانية بل حتى الأدوية،يتم تزويرها وتقليدها وتهريبها للمغرب،عبر الحدود البرية أو الجوية،خصوصا عبر الحدود المغربية الجزائرية،ومعبر سبتة و مليلية،والحدود الموريتانية،وهذا النشاط يمس باقتصاد الوطن،ويضر صحة المستهلك،وتحرم خزينة المملكة من مجموعة من الضرائب.

هل هناك سكوت من إدارة الضرائب أو لا،ما أستطيع قوله أن التهريب ليس حكرا على المواد الشبه صيدلانية لكنه يمس مجالات متعددة،التصرف الذي يفرض نفسه هو تحريك مسطرات ،وكانت لدينا مجموعة من التجارب الخاصة بمتابعة مهربين في إطار نقابي تحت مسمى كونفدرالية نقابة صيادلة المغرب،تابعنا جمعيات كثير تنشط في مجال تهريب الأنسولين،تابعنا مجموعة محلات بارافارمسي و تم إغلاقها،وأغلبية المحلات تم تشميعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى