كفى صفيرا !! هو لن يتحرش بك
سمية زيرار
نحن في حاجة ماسة لتخليص الوعي الأنثوي من الأفكار القشورية.
يجب أن نعمل سويا لتجاوز الموروث الجاهلي، والذي عمل دائما على إقصاء المرأة من معادلة الحياة، ومعاملتها كدمية جنسية
القطيعة مع الماضي هي أولى خطوات الخروج من أزمة المرأة
أعتقد أن تجاوز الماضي الفكري المعادي للمرأة غير ممكن، في غياب الوعي الفكري الضروري لمساعدة نساء المغرب على الانتقال من مرحلة الفكر المعادي للمرأة إلى مرحلة الفكر المناصر للمرأة، خصوصا أن التغيير الواقعي لا يتحقق إلا بالتغيير المعرفي وخلق تغيير تام في المفاهيم، تغيير واقع المرأة المغربية رهين بقبول المرأة نفسها لفكرة التغيير
المرأة المغربية عدوة ذاتها في مسلسل التغيير، طريقة تفكيرها عثرة كبرى وضعت بإتقان على طريق تحررها من سلطة الموروث الثقافي الذي حصر المرأة في جسدها.
مازلنا كنساء نكرس للمفهوم الجاهلي الذي جعل المجتمع يعاملنا كجسد، فللآن نؤمن بفلسفات الموضة التي تمارس تسليعا فاضحا للمرأة، وللآن نناصر الفلسفات القشورية التي تحصر حرية المرأة في الحرية الجسدية.
ما علينا التفكير به، كنساء، ليس ضرورة القطيعة مع الموروث الجاهلي بالدرجة الأولى، و إلا سنكون كمن يحاول دفن جثة سرعان ما يكتشف أمرها، فالأهم هو تغيير المفاهيم التي تعادي المرأة.
عزيزتي خروجك للشارع و أنت تحملين صفارة لمنع التحرش، تصرف لا تقدم عليه إلا بلهاء، مضحوك عليها، نحن بحاجة لصفارة فكرية تعيد خلق برمجة فكرية نسائية، تبعد المرأة المغربية تماما عن السياج الفكري الذي يحصرها في جسد جنسي.
عندما تؤمنين كامرأة أنك أسمى من جسد يسدل عليه الستار، أسمى من جسد تسوق من خلاله الماركات العالمية، أسمى من جسد تتعبين في إبداء تفاصيله باسم التحرر، سيؤمن الرجل وقتها أنك كائن أسمى من أن يتحرش به.
الفكر النسائي القشوري هو العدو الأكبر للمرأة، مانقوم به كممارسات يكرس لمفهوم الجواري الحسناوات، اللاتي لا شغل يشغلهن إلا أجسادهن، والآن خرجت الحسنوات تحملن صفارة في مبادرة لمنع التحرش بهذا الجسد.
ألسنا بحاجة لصفارة فكرية ؟ ألسنا بحاجة لصفارة علمية نسائية؟ ألسنا بحاجة لصفارة إنجازات أدبية و فنية نسائية ؟ ألسنا بحاجة لصفارة استقلالية تمنعنا من الانسياق وراء كل منادي؟ ألسنا بحاجة لصفارة احترام للذات؟ ألسنا بحاجة لصفارة ثقة بالنفس؟
يجب أن نتوقف حرفيا عن مناقشة قضايا المرأة من منطلق جسدي محض، الدعوة للحرية الجسدية، قانون منع التحرش (الجسد )،العنف ضد المرأة ( العنف الجسدي)، وننتقل لمرحلة مناقشة قضايا المرأة الفكرية، وأهمية الفكر النسائي في تغيير تفاصيل معادلة الواقع
في زحمة الأفكار العدمية غدت لحظة تأمل فيما نؤمن به كمسلمات ضرورة ملحة، حتى يتسنى لنا التحرر من شباك الرجعية و المضي قدما لرسم خارطة طريق تليق بالأنثى التي كرمها الله،إن قوة الحقيقية للمرأة تظهر في قدرتها على تجاوز الماضي و معتقداته الفاسدة، و الوعي بقيمتها كامرأة، فالقطيعة مع فكر الجسد الجنسي لن تكون إلا بالإيمان الراسخ للمرأة المغربية بنفسها و بقدرتها على تغيير واقع طالما وأد حقيقتها.
و ما أشدد عليه أن تأتي المبادرة للتغيير من المرأة المغربية نفسها وأن لا تقف مكتوفة الأيدي، تنتظر إنصافا من الثقافة المجتمعية أو القوانين فالتغيير يبدأ من عند المرأة و ينتهي عند المرأة، ¤إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ¤، كوني أنثى و لا تخجلي من كونك امرأة، فالعالم لن يكون مكانا مناسبا للعيش إلا بعد تجلي الأنثى التي بداخلك.
جمالية الوجود لن تكون إلا بالتجلي الحقيقي للروح، هذه الروح التي تمتزج فيها الأنثى بالذكر لرسم معالم عالم يشع إبداعا و حياة
لن يهرب المجتمع المغربي بعد الآن من حقيقة أن المرأة قادرة على تغيير معادلة الحياة، وأي انتقاص من شأن المرأة المغربية يؤثر على واقع المجتمع المغربي، و أي تخلف فكري للمرأة في أيما مجتمع سيؤدي إلى نتيجة حتمية هي تخلف المجتمع ككل.
يجب أن نعي كنساء أن ما يعني الرجل يعنينا، فلا يوجد شأن حياتي يخص الرجل دون المرأة، فنحن نتشارك الوجود والمصير، فالمرأة و الرجل مشتركان في الحقوق والواجبات في إطار من التكافؤ والمساواة، وأي تقزيم لدور المرأة المغربية سيؤدي لنكسة مجتمعية، سواء كان هذا التحجيم من المجتمع أو من المرأة نفسها.
مجتمعنا يحتاج لتجلي الوعي الأنثوي الذي بداخلك
كل أنثى تملك من الطموح ما هو قادر على تغيير القدر و تجتاحها رغبة عارمة في أن تكون لها بصمة في الحياة المجتمعية دون عوائق فكرية تحد من حريتها في الاختيار وحريتها في القرار و اختيار مصيرها فالمرأة المغربية تحتاج فسحة تثبت من خلالها كفائتها و تعبر عن وجودها.
نحن لا نتطلع كنساء لأن تتم معاملتنا معاملة الرجال، بل نتطلع لأن يتعامل معنا على أساس أننا جنس آدمي، بعيدا عن أي شكل من أشكال التمييز الجنسي أو التمييز القانوني أو التمييز المجتمعي أو التمييز الاقتصادي، فكل هذه السلوكيات من التحيز اللا مبرر للرجل تحبط المرأة المغربية، وتعيق أملنا في تغيير واقعنا المغربي.
نحتاج سيدتي لتجلي وعيك السامي، نريد القيام بدور مشترك مع الرجل في تنمية المجتمع، دون تحيز لجنس على حساب الآخر، بعيدا عن صراعات جسدية حيوانية أو صراعات مجتمعية بالية ،فالمرأة المغربية و الرجل المغربي وجهان لعملة واحدة،فساد وجه ما،يعني فساد العملة بأكملها.