إرتفاع الأسعار..المواطن يستغيث والحكومة لا تغيث
حفيظة لبياض.
تعرف أسعار المواد الغذائية ارتفاعا غير مسبوق وغير طبيعي، منذ عدة شهور، حيث أصبح المواطن يكتوي بلهيب هذه الأسعار، التي لا تلائم قدرته الشرائية، ولا دخله اليومي، أو الشهري، الشيء الذي يسحق الطبقة المتوسطة، دون الحديث عن الطبقة الهشة التي أصبحت تستغيث بدون مغيث، وذلك إثر عجزها عن توفير قوتها اليومي، في ظل الوضع الذي تعيشه الأسواق المغربية.
فهل حكومتنا الموقرة التي كسبت الرهان في الفوز بانتخابات شتنبر 2021، وتشكيل الأغلبية من خلال أحزاب تزعم أنها عريقة، تاريخية ومناضلة ثم وطنية، برئاسة رجل أعمال ومال، من بين أبرز الأغنياء بالعالم، الذي رفع شعار “تستاهل ما أحسن”، والذي وعد المغاربة بالتغيير، ثم بتحسين ظروف العيش، من خلال الزيادة في الأجور، وخلق فرص الشغل، والذي اكتسح الإنتخابات الماضية ببرنامجه الغني بالوعود، أصبحت صماء لا تسمع صوت المواطنين، وعمياء لا ترى معاناتهم.
إن تفشي البطالة، تدني الأجور، وغياب فرص الشغل، ثم ضعف القدرة الشرائية، لا يبرر ولا يعقلن الإرتفاع الصاروخي الذي تعرفه المنتجات الفلاحية (الخضر، الفواكه، اللحوم، والأسماك…)، فضلا عن إرتفاع المواد الغذائية الأساسية (الزيت، الدقيق، الزبدة…)، خاصة وأن المغرب يعتمد في إقتصاده على القطاع الفلاحي من الدرجة الأولى، والذي يساهم بنسبة 14% في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تشكل الأراضي الفلاحية 12,25% من المساحة الإجمالية للمغرب، حسب موقع Agrimaroc.
كما أن المغرب جعل الفلاحة من الأولويات العليا، منذ عام 2008، حيث أطلق مشروع المخطط الأخضر، قصد جعل القطاع الفلاحي قوة دافعة للإقتصاد، ومحاربة الفقر والهشاشة، ثم محاربة ظاهرة الهجرة القروية، ناهيك عن تشغيل الشباب، لذلك نطرح عدة تساؤلات، فهل ارتفاع الأسعار للمنتوجات الفلاحية بحجج واهية، تعد إنعكاسات سلبية لمخطط المغرب الأخضر، وهل يمكن اعتبار هذا الغلاء فشل للمشروع الحكومي السالف الذكر، وهل الخطط التي تم اعتمادها لإنجاح المشروع الفلاحي غير ناجعة؟
وقامت حكومة أخنوش، باتخاذ بعض الإجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، وذلك من خلال مراقبة الأسعار بالأسواق ومحاربة الغش التجاري والإحتكار، عبر لجان بمختلف الجهات والأقاليم وتحت إشراف العمال والولاة، غير أن هذه الحلول تبقى ترقيعية وغير واقعية، نظرا لاعتبار الغلاء مستمر وباعة الخضر، الفواكه واللحوم، ثم الدواجن والأسماك…غير مسؤولين عن الوضع الذي تشهده الأسواق المحلية، فحين تسأل الخضار عن أسباب غلاء الطماطم(12 درهم) مثلا، يجيبك أنه اشتراها بسعر مرتفع وهامش ربحه جد ضئيل وذلك لعوامل يجهل معرفتها…
ويشتكي المواطنون من لهيب الأسعار، فلا حديث عبر منصات التواصل الإجتماعي سوى حول الغلاء، حيث اجتاح هاشتاغ لا لغلاء الأسعار بالمغرب الفضاء الأزرق، وينتظر المغاربة حلول عاجلة لتحسين قدرتهم الشرائية، كما يتسائل الشارع المغربي عن مدى إستمرار هذا الوضع خاصة ونحن مقبلين على شهر رمضان الكريم، كما أطلق نشطاء فايسبوكيون هاشتاغ “خليها تخماج”، وذلك كإشارة لمقاطعة الطماطم، التي بلغ ثمنها بالمغرب نظيره بالبلدان المستوردة، وفي ذات السياق أصدرت فعاليات غير حكومية، من بينها نقابات وأحزاب، بيانات تدعو الحكومة لاتخاذ تدابير للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.
وبصرف النظر عن بعض المبررات التي تقدمها الحكومة، بخصوص الغلاء، والتي تربطها بالأوضاع الدولية كالحرب الروسية الأوكرانية، الكوارث الطبيعية، وموجة البرد…تفتقر ذات الحكومة للتواصل مع المواطنين، إذ لا تقدم تحليلا منطقيا ولا تستجيب للمطالب المشروعة للمواطنين، وتكتفي بالتأكيد على ضرورة الرفع من مراقبة وضعية تموين أسواق المملكة بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أي مخالفات أو سلوكات انتهازية، الشيء الذي يتنافى مع واقع المغاربة اليومي، الذين يعيشون الفقر والهشاشة والعجز عن توفير مصاريف التغذية.
إن الوضع الذي تشهده البلاد، وسخط العباد، سيساهم في زعزعة الأمن الإجتماعي، من خلال احتقان الشارع، والخروج للإحتجاجات، لأن المواطنين في حاجة للحلول وليس للوعود، كما يتزايد التشنج السياسي والإجتماعي، ناهيك عن التحديات التي تواجهها قطاعات أخرى بسبب مشاكل وزاراتها كالتعليم، الصحة، والعدل.
وعملت حكومة أخنوش في الإنتخابات الماضية، على تجنيد إعلاميين وفنانين، ثم مؤثرين، في حملة تواصلية إنتخابية، هي الأبرز في تاريخ الأحزاب السياسية، للترويج لبرنامجها، الذي لم تنزله على أرض الواقع منذ أكثر من سنتين من التدبير، إلا قسط من المشاريع التي لم تكتمل لأسباب مجهولة، في حين تغفل التفاعل مع هموم الشعب، والذي جعله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من الأولويات، وأكد على ذلك في خطاباته السامية، “عندما يعاني المغاربة، فإنني أتقاسم معهم نفس الشعور”(مقتطف من خطاب عيد العرش سنة 2021).