وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا .. صدق الله العظيم
محمد العشوري.
منذ أن حاز جرسيف على صفة الإقليم المستقل بذاته وانعتاقه من التبعية والارتهان إلى مدينة تازة، و”مسيريها سامحهم الله” الذين غالبا ما كانوا يستنزفون الخيرات والمقدرات التي كانت تتمتع بها دائرة جرسيف “أنداك”، وجد الاقليم الناشئ نفسه على السكة السالكة إلى التنمية.
وبذلك انطلقت أوراش تنموية ما كان يمكن لعين عاقل أن تخطئها، أو تنكر وقعها وأثارها الإيجابية على الساكنة، ابتداء من شق الطرقات، وتشييد المراكز الصحية والمدارس بالقرى والمداشر النائية، والإعداديات والداخليات بمختلف جماعات الإقليم، وصولا إلى دعم الفعل الجمعوي والتنموي، وكذا ترسيخ أدوار الأنشطة الثقافية في تعزيز التنمية البشرية، والرفع من مستوى الوعي بالإقليم…
وهو المسار التنموي الجاد والفاعل الذي أكمل أطواره المسؤول الإقليمي الأول حاليا السيد “حسن بن الماحي” ثاني عمال صاحب الجلالة على إقليم جرسيف، والذي وجد نفسه وهو الذي تقلد منصبه لأول مرة في مساره المهني، سنة 2017، أمام تحديات وملفات كبرى، كان على رأسها ملف سد “تاركا ومادي”، الذي عرف في عهده حركية متسارعة، حيث تم جرد وتعويض أغلب سكان منطقة السد، وتنقيل عدد منهم للعيش بتجزئة “بلفرح” بجماعة تادرت، بينما اختار أخرون الاستقرار بمدينة جرسيف أو بجماعات قروية أخرى، في حين وصلت اليوم أشغال بناء السد إلى مراحل متقدمة جدا.
ومن بين أهم الملفات التي وجدها عامل الإقليم مطروحة على مكتبه وكانت تحوز اهتمام فئة كبيرة من شرائح المجتمع، كان ملف الصحة وما كان يعانيه المستشفى الإقليمي لجرسيف أنداك من فوضى وسوء تدبير، فما كان منه إلا أن قام بزيارات شخصية غير رسمية، وكأنه مواطن عادي تفقد من خلالها أوضاع القطاع وما يروج حوله من أقاويل، وكان تدخله صارما وحاسما، آنذاك ليتغير الوضع خلال أشهر قليلة للأفضل، حيث عكف مع المسؤولين الجدد على القطاع يتقدمهم المندوب الإقليمي لوزارة الصحة السيد “هشام العلوي” على حل معظم الإشكالات الأساسية التي كان يتخبط بها واحدة تلوى الأخرى، فتم تنظيم العمل بالمستشفى الإقليمي وتزويده بتجهيزات كانت تدخل في قائمة أحلام ساكنة جرسيف، وتم بناء مراكز صحية جديدة بمناطق وجماعات عدة، كما أصبحت كل الجماعات القروية تتوفر على سيارات إسعاف، ناهيك عن حرصه الشديد على استفادت سكان المناطق الجبلية والدواوير النائية من القوافل الطبية المتعددة التخصصات، وكدا القوافل ذات الخدمات الاجتماعية.
ولم تتوقف جهوده عند هذا الحد بل لامست باقي القطاعات سواء تعلق الأمر بقطاع التعليم، أو التجهيز والنقل عبر فتح وبناء الطرقات وتعبيدها، بمختلف جماعات الإقليم، أو قطاع الشباب والرياضة الذي عرف ازدهارا كبيرا قبل عاصفة كرونا، التي جمدت كل مناحي الحياة..
غير أن هذا الجمود أو السكون لم يتمكن من شق طريقه إلى هذا المسؤول المواطن، الذي كان يقف بشكل شخصي على الحملات التحسيسية بأهمية الوقاية من هذا الوباء، والتطبيق الصارم لإجراءات حالة الطوارئ والحجر الصحي، ليس بمنطق “السربيس” او التنفيذ الروتيني للتعليمات الإدارية فقط والتي كان يمكنه أن يعمل على متابعتها من “مكتبه المكيف”، بل كان يشارك بها بشكل شخصي فكان يخاطب المواطنين بأحياء حمرية وغياطة، وكامبير وغيرها، ويجول ليل نهار بين أزقة وشوارع المدينة يستطلع حالها ويطمن على أمنها من وباء كورونا وبلاء البشر ضعاف النفوس، في وقت كان محبو البوز والكلام الفارغ يمكتون في بيوتهم حذر الموت.
ولم تكن هذه الجائحة لتنسي هذا العامل “المناضل” مشاكل المواطنين وهمومهم فكان حريصا على حل مشكلة العطش التي عرفتها المدينة خلال صيفي 2018 و 2019 على الخصوص، حيث تمكن من تزويد ساكنة جرسيف بالماء الصالح للشرب، في الآجال المحددة لذلك، فكان يزور أوراش المشروع بشكل رسمي وغير رسمي، ليحفز العاملين ويحسسهم بأهمية وحساسية الأمر، ويوجه تعليماته وملاحظاته للقائمين على المشروع ويسهل الإجراءات الإدارية وييسر التعاون بين مختلف القطاعات المعنية، فكانت الساكنة على موعد مع صيف هانئ دون عطش بل كانت على موعد مع ماء عذب زلال.
كل هذا وغيره لم يكن ليشفع لهذا المسؤول أمام بعض الجهات أو الأشخاص، الذين لا يغمض لهم جفن إن كان البلد يعرف هذا الحراك التنموي الكبير، ومنهم من هم معروفون بصفاتهم وأسمائهم ولا يخفى على أهل المدينة تاريخهم الأسود من النصب والاحتيال والابتزاز، والاعتداء على كرامة المواطنين واستغلال مآسيهم ومشاكلهم، ومنهم من فضل أن يختبئ خلف صفحات أو حسابات فايسبوكية دون الكشف عن نفسه أو هويته، لينفث سمه وغله بل تضليله وأكاذيبه بين رواد هذا الفضاء الأزرق.
وهذا ما حدث مؤخرا حين لاحظنا هجوما غير معروف صاحبه عبر إحدى الصفحات الفايسبوكية التي انهالت على هذا المسؤول باتهامات بدون حجة أو دليل، من بينها على سبيل الذكر تلقيه رشاوى من اجل توظيف أعوان السلطة، وكذا كون اقتراح رجال سلطة (خليفة القائد) رهين لديه بمنطق الزبونية والمحسوبية، إضافة إلى ادعائها بأن عامل الإقليم قد نجى من حادثة سير خطيرة في الوقت الذي كان قادما من جهة الغرب وهو في حالة “سكر طافح”، أكدت لنا مصادر مختلفة، وتحرياتنا الصحفية أنها لا تعدوا أن تكون مجرد أقاويل وأكاديب لا اساس لها من الصحة.
غير أن اللافت في الأمر هو أن هذا المسؤول الإقليمي الأول، بكل ما يملكه من صلاحيات وعلاقات وإمكانيات لكشف ومحاسبة أصحاب هذه الإشاعات وكذا عدد من المدونين الذين لم يترددوا في التشهير به أو التطاول عليه، كان رأيه أن يتعامل مع كل من تخطى حدود اللياقة والأدب في انتقاد أسلوب عمله وطريقة اشتغاله التي لا يمكن أن تخلو من الخطأ والقصور والخلل أحيانا، لان المثل الشعبي يقول “حتى زين ما خطاتوا لولة”، كان موقفه حميدا ويؤكد على كونه مواطنا عاديا بسيطا وموظفا لدى الدولة المغربية يؤدي مهامه وفق الإمكانيات المتاحة والمتوفرة، ووفق ما وفقه إليه فهمه وعلمه، إذ أنه اختار الاتجاه إلى تكريس منطق دولة الحق والقانون، عبر تقديم شكايات ضد من شهروا به أو نعتوه بنعوت غير مقبولة أو خادشة، أو مع من عملوا على اتهامه باتهامات لا تستند إلى أدلة تثبت صحتها، وهو ما تعمل الجهات القضائية على التحقيق والبث فيه بكل شفافية ومصداقية.
وختاما فإن العاقل يعلم أن سوق الفايسبوك يعرض فيه من المنشورات المليح والقبيح، وكأي سوق أخر فإن فيه يغتاب الناس وتنتشر النميمة وتكثر الإشاعة ويسهل الكذب على الناس، ومنه وجب التذكير بقوله تعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) صدق الله العظيم، خاصة وإن كان هذه الأنباء يمكن أن تخلق جوا من عدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتسبب في صراعات لا أول ولا أخر لها.