رجاء مسري.
نظم مساء يومه الجمعة 5 يونيو الجاري، نادي أجيال القانون بالتعاون مع الهيئة الدولية للتحكيم والعلوم القانونية عبر تقنية التناظر المرئي مائدة علمية مستديرة في موضوع “الوسائل البديلة لتسوية الخلافات الزوجية ودورها في تحقيق الاستقرار الأسري ”،وقد تميزت هذه المائدة العلمية بحضور المهتمين بالموضوع باحثين و حقوقيين ،أساتذة جامعين .
استهلت أشغال هذه المائدة العلمية ،بكلمة افتتاحية للأستاذ المكي قديري الذي رحب بالجهة المنظمة وبجميع المشاركين في هذا العرس العلمي، من أساتذة ومحامون وجميع أعضاء نادي أجيال القانون،والحضور الكريم،وأكد على الأهمية البالغة لموضوع الوسائل البديلة لتسوية الخلافات الزوجية ودورها في تحقيق الإستقرارالأسري.
بادئ الأمر أعطيت الكلمة للأستاذ سعيد أجديرا ، أستاذ زائر بكلية الأداب بن أمسيك في موضوع “السياق المغربي للظهور وتطور الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الأسرية “معرفا الوساطة باعتبارها الأكثر ارتباطا بالمجال الأسري بالرغم من أن كلمة الصلح هي الأكثر شيوعا في المجال الإسلامي و الواقع الحالي، ففي المغرب ليس هناك قانون منظم خاص بالوساطة وإنما هناك قانون عام عكس الدول الأخرى،وذيل الأستاذ حواره بتقرير وزارة العدل لسنة 2014 الذي يؤكد من خلال حيتياته الحاجة الملحة لقوانين تنظيمية تؤطر الوساطة الأسرية.
لتتناولت الأستاذة فاتحة الغلالي محامية بهيئة أكادير الكلمة في موضوع “الإطار القانوني للوسائل البديلة لتسوية المنازعات” تعريف الوسائل البديلة باعتبارها احدى الأدوات القانونية لحسم النزاع بدل اللجوء إلي مسطرة القضاء الرسمي التي تحتاج إلى وقت وتعقيد في لمساطر، ففي القانون 05-08 نص المشرع المغربي على وسيلتين أساسيتين :وهي التحكيم والوساطة الاتفاقية، فأشارت إلى أن هذا القانون لم يتحدث قط عن الصلح الإجباري وإنما ترك الأمر لإرادة الأطراف،وهذا القانون هو الإطار العام لهذه الوسائل البديلة لكن ليس هوا لوحيد ،بل هناك مدونة الشغل وغيرها من القوانين التي أشارت إلى الوسائل البديلة كألية لفض النزاعات.
وعرضت الأستاذة نجاة مغراوي رئيسة الهيئة الدولية للتحكيم والعلوم القانونية في مداخلتها بعنوان”الوسائل البديلة لتسوية الخلافات وعلاقتها بالقضاء” الأهمية الكبرى للوساطة الأسرية على اعتبار أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع ،نظرا لحالة التفكك الأسري التي أصبح يعرفها العالم بشكل عام و المغرب بشكل خاص، مما استدعى الأمر ضرورة اللجوء إلى وسيلة الوساطة الاتفاقية وهو ما نص عليه المشرع في قانون المسطرة المدنية.
وطرحت إشكالية وهي منذ صدور مدونة الأسرة سنة 2004 إلى حدود 2017 هناك عدد هائل من قضايا التفكك الأسري وصلت إلى 100000 قضية،مؤكدة على الأهمية البالغة للوساطة الأسرية سواء على المستوى القضائي أو على المستوى الأسري، مما أتيح للأطراف اللجوء إلى تقنية الوساطة كحل عادل للطرفين ، مسلطة الضوء على مجمل الخصائص التي تميز الوساطة من بينها:السرعة كون المشاكل الزوجية غير قابلة للتأجيل وكذلك المرونة .
و تقدم الأستاذ عبد الرزاق بياز ،أستاذ بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة في محور له تحت عنوان” الوسائل البديلة لتسوية الخلافات الزوجية ودورها في الحد من الظواهر السلبية للأسرة”من خلال تعريفه للأسرة كونها نواة المجتمع فإذا صلحت صلح المجتمع و إذا فسدت فسد المجتمع،مركزا على مدى خطورة عدم اللجوء إلى الوسائل البديلة باعتبارها مجموعة من المبادرات الطوعية التي تسمح بتدخل شخص وسيط دون أن يملك أي سلطة القرار على المعنيين بالنزاع ،وإنما غايته الوصول إلى اتفاق ودي .
وأضاف الأستاذ عبد الرزاق بياز أهم أشكال الوساطة وهي:وساطة التحكيم ،الوساطة البسيطة ،الوساطة الاستشارية،مستشهدا بأهم فوائد الوساطة الأسرية وهي: محدودية التكاليف والمرونة في التعامل مع المشكل و كذلك حسم النزاع في وقت وجيز ،مثيرا الآثار السلبية لعدم اللجوء للوسائل البديلة بشكل عام و الوساطة الأسرية بشكل خاص منها:التفكك الأسري،تمرد الأطفال وعدم طاعة الوالدين ،الاستغلال الجنسي والتعاطي للدعارة وأخيرا اللجوء إلى السحر و الشعوذة.
و في ختام المداخلات جاءت كلمة للأستاذة حياة جوهري وسيطة أسرية في موضوع “رهانات إدماج الوساطة الأسرية في النظام القانوني المغربي”فأهمية الوساطة دفعت المشرع المغربي إلى تبني هذه الأخيرة وهذا ما يبدو جليا في مدونة الأسرة، وكذلك في الخطاب الملكي من أجل الاستفادة من المزايا التي توفرها الوساطة لحسم النزاعات الزوجية ،وتبرز تجليات الوساطة في مدونة الأسرة في المادة 82 منها كونها السند القانوني للوساطة الأسرية ،وأشارت الأستاذة إلى مجموعة من الصعوبات التي تعترض الوساطة الأسرية منها :صعوبات تشريعية من خلال غياب التنظيم الكافي لها و صعوبات واقعية تتجلى في عدم وجود علم لدى عموم الناس بهده الآلية، لتبشرنا بإمكانية تجاوز هذه الصعوبات من خلال تفعيل هذه الآليات البديلة من خلال إضفاء طابع الشرعية عليها وتسخيرها في تعميق أواصر الصلح و التسامح وكذا تفعيل هذه القوانين حتى لاتبقى مجرد حبر على ورق.
وقد خرج المتدخلون بإجماع بمجموعة من الاقتراحات و التوصيات أهمها:
-العزل بين التحكيم و الوساطة بالنسبة للتقنين.
الحاجة إلى سن قوانين تنظيمية في مجال الوسائل البديلة .
-مأسسة الوساطة و الوساطة الأسرية خصوصا لتكون قابلة للتفعيل وأكثر وضوحا.
-إجبارية اللجوء إلى الوسائل البديلة في حل النزاعات
وضع الأسس و القواعد من أجل اللجوء الى وسيلة الوساطة الأسرية,
-تسليط الضوء على وسائل الإعلام من اجل توعية عموم الناس .
-تشجيع الجمعيات النسائية أو المهتمة بالقضايا الأسرية على تفعيل دور الوساطة والعمل على نشرها.